التحرش- نظرة شاملة
من منا لم يتعرض للتحرش، سواء طفل، بنت، ولد، امرأة وحتى الرجل !!؟
من وجهة نظري التحرش كالسرقة؛ كمن يأخذ منك شيء غصباً عنك.
كثيراً منّا يسأل نفسه لماذا يقوم المتحرش بذلك؟ ولا يجد إجابة شافية.
وهنا يأتي السؤال؟ هل التحرش هو الصفة الكريهة الوحيدة التي توجد بالمتحرش؛ أم، له صفات أخرى أيضاً سيئة تماماً؟.. هل المتحرش مثلاً يمتلك صفة البخل؟ الكذب؟ الخداع؟.. ولا ننسى متعاطي المخدرات.. الإجابة على هذا السؤال سيجعلنا نحتاط أكثر عند التعامل مع هذه الشخصيات.
مرّت بِنَا الكثير من القصص التي ما زلنا نقرأها حتى اليوم والتي يتعرض فيها الكثير من الأطفال لحوادث التحرش والاغتصاب، وجميعها حوادث بشعة بطريقة لا تُصَدَّق.
ومن هذه الحوادث القبيحة جداً نموذجين سأتوقف عندهما:
النموذج الأول:
وفيهما يتم الكشف عن جزء كبير في شخصية المتحرش.
فالنموذج الأول عند سرد حياته الشخصية نجد أنه تعرض في صغره لاغتصاب، وعندما كَبِر فعل نفس الشيء في الضحايا. ويأتي السؤال ماذا لو كان تم إعدام الشخص المعتدي عليه في صغره، هل هذا الحكم كان سيشفي غليله، أم كان سيفعل ما فُعِل بِهِ وهو صغير.
أما النموذج الآخر:
فنسمع كثيراً عن ناس لديها الوظيفة والمال والأسرة أيضاً.. لكنها تلجأ للتحرش بالأطفال مقابل المال.. أطفال لم يبلغوا بعد.. هم يتحرشون بالبراءة، يقتلونها.. إذن تحليل شخصية هؤلاء هو العمل على قتل البراءة، ومن يتمنى قتل البراءة يتمنى قتل كل الأخلاق الحميدة.
ومن العجب أنه قد يكون الطفل نفسه هو المتحرش، للأسف الشديد، على ماذا تربى هذا الطفل حتى يصبح هكذا؟.. وبالرغم من ذلك فمسئولية الطفل تقع على أهله ومجتمعه ودولته.
يوجد تحرش سيئ جداً وهو التحرش في العمل، سواء بالنظرات، أو بالكلمات، والتي غالباً ستطور إلى أفعال.. هنا العينة مختلفة فهم زملاء عمل، ويأتي التساؤل: هل وجود المرأة والرجل في مكان واحد يظهر الرغبة الحيوانية؟.. أم أنها تربية؟ حرمان؟ استضعاف؟.. أيًّا كان التفسير أو المبرر، هو سلوك كالسرقة بل أشد لإنه اعتداء على الروح. فنحن في حياتنا المادية الحالية حيث غلبت المادة؛ نعاقب وننتبه على الأفعال المادية فقط ولا ننظر للجانب الروحي.
هي: تذهب للعمل من أجل مساعدة نفسها، حياة المدينة فرضت عليها العمل في الخارج، فلا شيء يحتاجها في المنزل. الكثيرات تعملن لفترة قليلة إلى أن تتزوج.
هو: العمل في الخارج حياته ويناسب طبيعته الجسمية والنفسية.
إذن الطرف الأقوى هو الرجل، وإذا كانت تنشئته على الأنانية وعدم المحاسبة، فسنظل نرى هذه النماذج السيئة وللأسف الكثيرة.. فالإنسان سواء ذكر أو أنثى ينشأ على أن هذا شيء طبيعي.. هو حقاً طبيعي لكن عند الحيوانات التي لا حول لها ولا قوة.
كيف يمكن تجنب المتحرش؟
الكلام في البداية موجه إلى الوالدين فهما عليهما المسئولية الأولى فالحرص على تنشئة أولادهم التنشئة الصحيحة، وكذلك تنشئة البنات بطريقة سليمة تحميها وليس توبخها. قرب الوالدين من الأبناء حتى ينال المتحرش عقابه من البداية لأن السكوت يجعله يتمادى.
إذن فالمسئولية الأولى تقع على الوالدين، ومن بعدهم الجدود والجدات، الأخوال والخالات، العمام والعمات.. عندما يرى الطفل ويكبر على أن أقاربه يتحرشون بصرياً أو لفظياً بالنساء، سينشأ على أن هذا شيء عادي.. عندما يرى أقاربه النساء تسكت عن هذه الأفعال ولا توبخها، ستنشأ البنت على أن التحرش بها شيء عادي.
المتحرش إذا رأى ولد أو بنت قويي الشخصية غالباً لن يجرؤ على فعل شيء.
إذا رأى امرأة قوية الشخصية سيخاف منها، فهو يعرف النتيجة جيداً. فهم أشخاص يصطادون في المياه العكرة.
المسئولية تقع على المجتمع فعليه نبذ السلوك السيئ، وعلى الوالدين القرب من أبنائهم، وعلى المدارس التوعية في المراحل التعليمية المختلفة؛ فجيل مستقر نفسياً، وأشدِّد على نفسياً لإن المنهزم نفسياً عُرْضَة لأي شيء سلبي، يصير جيل غير قابل للهزيمة.
ولابد من التطرق في أيامنا هذه لأمرين مؤسفين؛
الأمر الأول: هو الضغط العصبي على التلاميذ عن طريق المناهج الثقيلة على أدمغتهم مما يعرضهم لعدم الاستقرار النفسي وهزيمة أدمغتهم نفسياً.
والأمر الثاني: هو وسائل الاتصال بالانترنت (التليفونات المحمولة والتابات) وللأسف الشديد الطفل الآن من عمر 3 سنوات يستعمل هذه الأجهزة الخطرة جداً ليس فقط على صحتهم الجسمية ولكن أيضاً على صحتهم النفسية، فتوجد مشاهد ضارة في الألعاب الإلكترونية تحض على العنف وأحدها يكون السارق هو البطل.
وأيضاً يجب التطرق إلى المسلسلات والأفلام التي تعرض على شاشات التليفزيون، وتأتي هنا مسئولية الدولة لأنها وحدها تسطيع التحكم فيما يعرض على الشاشات من قنوات والتي صارت كثيرة جداً. فالدولة لابد أن تسيطر على ما يعرض على شاشة التليفزيون لإنه موجود داخل كل منزل ويجب أن تأخذ الرقابة وضعها الحقيقي، "أنا أريد أن أحس بالأمان وطفلي يشاهد التليفزيون بمفرده"، بل أريد أيضاً أن أشاهد التليفزيون وسط أسرتي بدون التعرض لأي خجل.
لابد من وضع شروط لملابس الممثلين والممثلات في المسلسلات كما كان يحدث قديما لدينا في مصر. لابد من قطع بعض مشاهد الأفلام عند عرضها على شاشات التليفزيون.
بالنسبة للمسلسلات والأفلام فلها دور كبير في تنمية الوعي لدى المواطن ولابد أن يكون هذا هو هدفها الأول والضروري، وليس مجرد قصة لا هدف منها.
نحتاج كذلك في أيامنا هذه إلى علماء النفس والاجتماع لبحث الظواهر النفسية والاجتماعية التي يمر بها الفرد والمجتمع الآن، لأن الحياة المادية التي نعيشها الآن تركز بالأكثر على المال وجمع المال.
في النهاية لا يسعني أن أقول إلا أن التربية النفسية السليمة هي أساس كل شيء جيد.
You must be logged in to post a comment.