أبو الأنبياء/ إبراهيم عليه السلام

اشتهر ان نبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان يلقب بلقبين أولهما هو ابراهيم الخليل وفيه قال الله تعالى في كتابه الكريم {واتخذ الله إبراهيم خليلا} فقد حظي سيدنا ابراهيم بمكانة واصطفاء من الله سبحانه وتعالى وقد قيل أن محبة الله قد تخللت في قلبه ولهذا أعطاه الله مقام الخلة وأما عن اللقب الثاني الذي عرف به فهو أبو الأنبياء ويذكر أن السبب في تسميته بهذا اللقب هو أن جميع الأنبياء الذين جاءوا من بعده لهم صلة نسل معه عليه السلام فقد تزوج الخليل من زوجتين في حياته وأنجب من كل واحدة منهما نبي فأنجب اسماعيل عليه السلام من زوجته هاجر وأنجب اسحاق من زوجته سارة وتتابع منهما نسل الأنبياء إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهو خاتمهم فلا نبي بعده وعاش سيدنا ابراهيم عليه السلام قرابة 175 سنة كما روي في الأثر.

عاش ابراهيم عليه السلام بين قوم يعبدون الأصنام وكان أبوه (آزر) واحدا منهم وقد كان عليه السلام رغم صغر سنه لا ينتمي لمعتقدات ذلك القوم وكان يضيق ذرعا من كفرهم وضلالهم حتى جاءه النبأ المبين من ربه عز وجل وجعله نبيا ورسولا فعرف الحق وأطاع، قال الله تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}.

ولما باشر الأنبياء ابراهيم بالدعوة استجابة لأمر ربه عز وجل بدأ بأبيه ثم الأقارب ثم القوم جميعهم وقد استخدم عليه السلام عدة أساليب للدعوة إلى الله فأول ما بدأ به هو الاستفهام والسؤال عن هذه الأصنام للفت انتباه القوم إلى أنها مجرد حجارة من صنع أيديهم لا تنفع ولا تضر ومن جملة الأسئلة التي كان يطرحها عليه السلام عليهم ما ورد في سورة الشعراء حيث قال تعالى على لسان الخليل عليه السلام: {هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} وما كان جوابهم إلا أن قالوا: {قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} إذن هي مجرد تبعية عمياء لسابقيهم لا منطق ولا ثبات فيها فبدأ يدعوهم إلى الله وحده لاشريك له ويخبرهم أن آبائهم كانوا على ضلال وأنه ليس بواجب عليهم أن يتتبعوا أثر ضلالهم فناقشهم واخذهم بالحجج والدلائل البينة قال تعالى: {قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين} ولما أن وصل ابراهيم معهم إلى طريق مسدود قرر أن يستخدم معهم أسلوبا آخر وهو بأن يحطم أصنامهم حينما يغادرونها ويبقي أكبرهم من غير تحطيم ليثبت لهم أنها حجارة لا تضر ولا تنفع ولو كان لها ذلك لدفعت الاذى عن نفسها من باب أولى فأقسم ان يحطم تلك الأصنام فترك القوم حتى خرجوا في عيدهم فجاء الأصنام وحطمها جميعها إلا كبيرهم وقد ترك الفأس معلقة في رأسه ولما رجع القوم ورأوا ما حل بأصنامهم غضبوا وتأججت صدورهم وبحثوا عن الفاعل جميعا إلى أن قال بعض القوم: (إن من فعل ذلك فتى يقال له إبراهيم) فجاءوا به وقد اشتاط غضبهم فسألوه إن كان هو من فعل ذلك بأصنامهم فأجابهم بأن إسألوا كبيرهم لو كان يستطيع أن يخبركم، قال الله تعالى: {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}.

أفحمهم ابراهيم بمنطقه وجعلهم يعرفون أنهم على ضلال ولكن وعلى الرغم من كل ذلك إلا أنهم في كبر فلم يتراجعوا عن موقفهم وكفرهم فقرروا أن يعذبوه وينتقموا على ما صدر منه فأوقدوا نارا عظيمة واتفقوا على أن يلقوه فيها مقيدا تحت أمر ملك يذكر أنه النمرود، {قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} وكان والده واحدا من الذين قرروا ذلك، ولكن الله أنجاه منها فنزع منها صفة الإحراق وأمرها بأن لا تؤذي الخليل عليه السلام فالنار جند من جنود الله في الأرض والله وحده المتصرف بها كيف تكون فأمرها خالقها فأطاعت، قال عز من قائل في كتابه الكريم: {قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فخرج منها سليما معافى لم يمسسه أذًى وكانت هذه المعجزة سببا في إيمان الكثيرين معه ولكن ليسوا من قومه فما آمن معه من قومه إلا رجل وامرأة وهما سارة التي تزوجها فيما بعد ولوطا عليه السلام الذي بعثه الله نبيا فيما بعد.

قرر عليه السلام أن يهاجر بلد قومه هو واللذان آمنا معه بعد أن يأس من إيمان القوم فحاول للمرة الأخيرة أن يدعو والده إلى طريق ربه سبحانه فلم يستجب قطعا فتبرأ ابراهيم بذلك من أبيه آزر وهاجر قومه وبدأ الدعوة فيما دونهم.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر