أسباب الخلافات الزوجية .. وعلاجها .

 أسباب الخلافات الزوجية .. وعلاجها .

  الخلاف سنة كونية و لابد من وقوع ذلك بين الزوجين وذلك لاختلاف البشر قال تعالى :" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم  " وهذا شيء طبيعي لاختلاف العقول والفكر والرؤى..

  ولكن هذه الخلافات تتفاوت زيادة ونقصا ، قلة وكثرة ، شدة وهونا ، فلو كانت  كثيرة وعنيفة فيمكن أن يؤدي بذلك لاستحالة الحياة الزوجية لوجودها بهذه الكثرة وهذا العنف والاستمرار وإذا لم يسارع الزوجان إلى بسط الحلول لهذه الخلافات قبل أن تتفاقم وقبل أن تتكرر مرة أخرى ؛ لإنقاذ عقد الحياة الزوجية من الانفراط  وتكون الضحية ضياع الأولاد وتفكك الأسرة وبالتالي ضعف المجتمع بالكلية .

 وإذا حدث خلاف – عامة – فلابد أن لكل خلاف حاث سببا ،وكذلك الخلافات الزوجية التي تقع فلابد لها من أسباب ، وإذا عُلمت الأسباب من وراء كل خلاف ينشب يستطيع الزوجان علاج هذه الأسباب وإزالتها لتعود الحياة إلى طبيعتها والمياه إلى صفوتها .

  وفي عجالة عاجلة سأتطرق مستقصيا جُل هذه الأسباب ؛ لأبسُط القول في الحلول السحرية لإزالة وتجنب الخلافات الزوجية ؛ ومن هذه الأسباب ...

ولكن قبل سرد الأسباب المادية لابد من وضع السبب الرئيس ، والذي لا ينبغي التغافل عنه وهو البعد عن طاعة الله والبعد عن أداء فرائضه والاستهانة بمعصيته وعلى رأسها ترك الصلاة ..  وقبل التطرق لأسباب الخلاف والمشاكل وحلها لابد أن نتعرف على القاعدة الأساسية التي قامت عليها الحياة الزوجية والتي بينها ربنا تبارك وتعالى في قوله " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " فالمودة حب الرجل لامرأته ، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء

الأسباب والعلاج .. 

ومن الأسباب أسباب مالية. وحلها يكون بالاقتصاد في الإنفاق وعدم التبذير وعدم البخل -أيضا ، والرضا وعدم الطمع والنظر إلى من دونك ومحاولة التكيف مع جميع الظروف والأحوال , فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً غير غير مسر ولا مقتر ولا متهور ولا متعجل , ولا متأفف ولا متضجر من أحواله .

 ومن الأسباب .. كثرة المسئوليات . وحلها بالتنظيم للوقت وتوزيع المسؤوليات والتفاهم وترتيب الأولويات .

ومنها قلة الاهتمام وانعدام الثقة وسوء الظن بالزوجة أو الزوج . وحلها  بتعزيز الثقة بين الزوجين وقيام الحياة الزوجية على أساس الصراحة وعدم الكذب ووجوب الاحترام ؛ لأن الكذب وعدم الاحترام هو سبب انعدام الثقة .

ومنها سوء التواصل بأن يكون الزوج أو الزوجة صامت طول الوقت الذي يقضيه في البيت . وعلاجه بالاحتواء والسمر والضحك وتجاذب أطراف الحديث والمُلح والطُرف ، فالمرأة تحتاج من زوجها أن يكون لها أبا وأخا وابنا وكل الناس ليملأ عليها الحياة بالبهجة والحبور .

ومن الأسباب القاتلة السيطرة وحب النفس والتسرع في الاحكام واللجوء إلى العنف ، وعلاجها يكون بالصبر والتأني والتفاهم والاحترام ، فلا يسارع الزوج في حل الخلاف وقت الغضب , وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس فإن القرارات في مثل هذه الأحوال كثيراً ما تكون غير صائبة فقد قال الحكماء: " لا تتحدث وأنت غاضب، فإنك ستقول أعظم حديث تندم عليه طوال حياتك ."

ومنها أن من الأزواج من هوايته كثرة التعليق والنقد المستمر على كل صغيرة وكبيرة . بانتقاد الشكل والمظهر العام والتصرفات  وكثيرا ما يركز بعض الأزواج على السلبيات والأخطاء وترك المحاسن ففي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺلا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر "

وكثير مما يخلق الخلاف التوقف عند كل صغيرة وعدم التجاهل أو التغاضي عن الهفوات وعدم التقدير لما يبذله أي من الطرفين وما يتحمله من متاعب بإنكار الفضل بينهم . قال تعالى ولا تنسوا الفضل بينكم "

ومما يزرع الخلاف وينميه عدم الصبر وعدم ضبط النفس عند المواقف و سوء الحوار الذي يؤدي إلى عدم التفاهم .

 واليك أعظم الأسباب وهي انعدام الثقة وعدم المصارحة وعدم الشفافية في الأمور الزوجية التي تؤدي إلى الشك القاتل وعدم التماس الأعذار كل منهما للآخر.

ثم نأتي إلى أم الخلافات  العناد وعدم تقديم التنازلات  .. وعلاج ذلك  يكون بالتنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جداً حل الخلاف إذا تمسك كل من الطرفين بجميع حقوقه . وهذا قد حث عليه ديننا قال سبحانه " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس "

وأخيرا المعول الذي يقوض الحياة الزوجية .. عدم كتمان الأسرار الزوجية، وبخاصة ما يتم بينهما في علاقتهما الحميمة، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: <إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه، ثم ينشر سرها> وقال صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الذين يفعلون ذلك ما روته أسماء بنت يزيد عنه عليه الصلاة والسلام: <فإنما ذلك مثل شيطان لقى شيطانة في طريق، فغشيها والناس ينظرون>، وكفى بهذا تنفيرا، وأي تنفير من إفشاء الأسرار الزوجية وأسرار البيوت .

وخلاصة القول لا توجد حياة كاملة، فالزواج رباط مقدس قائم على الحب والمودة، والتفاهم والتنازل، وحُسن العشرة، فوجب الصفح والحلم والصبر، والتأني والتفاهم والتعاون وغض الطرف عن الهفوات والزلات والأخطاء العفوية والإيثار وكتم الأسرار وحسن الظن ، لتسود المودة والرحمة التي هي الهدف من الحياة الزوجية .. فمن الذي مـا أساء قــط ومن لـه الحسنى فـقط .

وقد قال الشاعر الحكيم :

                    فمن ذا الذي تُرضى سجاياه كلُّها * كفى المرء نبلا أن تعد معايـــبه .

فالكمال لله وحده ..

وشكرا لكم .. وإلى لقاء

بقلم : أ / عبد الشافي أحمد عبد الرحمن 

      

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author