لا تخجلو من هذه الاعمال
لاحظت في المدن الكبرى الثلاث في الاردن عمان والزرقاء واربد ان شبابنا وشاباتنا يعزفون عن العمل في بعض الاعمال ويعتبرونها مهينة وتمس كرامتهم . منها مثلا حارس عمارة واعمال الزراعة والخدمة في البيوت. هاتان المهنتان حكر على العمالة الوافدة للاسف ومعظم شبابنا يفضلون الوظيفة الحكومية, او الوظائف المكتبية (داخل المكاتب في الشركات) والتي ظهرت عيوبها في فترة كورونا ولانها تعتمد على الانفتاح مع الخارج.
حارس العمارة الوافد يبدأ عمله براتب قريب من مئتي دينار وفي البداية يتعرف على كل صغيرة وكبيرة في العمارة ويقوم بتنظيف المصعد والدرجات يوميا ثم يبدأ سكان العمارة بالتعرف عليه فيطلب بعضهم منه تنظيف سياراتهم ويتفقان على مبلغ شهري محدد ويتوسع العمل معه وتطلب منه بعض السيدات شراء اغراض من البقالة المجاورة او من المخبز او من الملحمة مقابل بخشيش بسيط ثم يبدأ باصلاح بعض الاعطال في المصعد او بعض نقاط الكهرباء في البيوت وينتقل الى ري مزروعات صغيرة في العمارة وتنظيف خزانات المياه وتوصيل بعض الاغراض الى بعض الشقق وكل ذلك مقابل بخشيش اضافي فوق راتبه . وتتوسع اموره فيستلم العمارة المجاورة للعمارة التي يعمل بها وقد يستلم اربعة عمارات متجاورة في ان واحد وتتوطد علاقته بسكان العمارة مع الزمن خصوصا المهمين منهم ويطلب منهم المساعدة بعمل تاشيرات وتصاريح لجلب بعض اقاربه من بلده للعمل معه بحجة مساعدته . بعضم يصبح مستشارا لسكان العمارة بحيث يسالونه عن كل مايخص العمارة وعن اسرار الساكنين فيها حتى الضيوف الذين يزورونها وكل معلومة بثمن او بخدمة مقابلة.وقد يصبح بعضهم واسطة لدى بعض الساكنين لانجاز بعض الاعمال لهم فالوافد يوسع شبكة معارفه بطريقة ذكية ويحفظ كل مايمر به, ولديه الاجابة على كل سوال يتعلق بالعمارة او البيوت المجاورة او الساكنين ومصدر معلوماته الاول نساء العمارة واطفالها بطريقة شيطانية. وبعضهم يصبح مسوولا عن تاجير اوحتى بيع الشقق الفارغة وغالبا ان اردت استئجار منزل في عمارة فانك لاتصل لصاحبها الا عن طريق الحارس. واجرة الحارس تضاف مبدئيا على اجرة الشقة.
وماهي الا سنوات حتى يبني عمارة في بلده بسبب التحويلات التي يجني مالها من العمارة ولا يخرج من العمارة الى وطنه الا بعد ان يضع بها ابن عمه او ابنه او اي قريب او معرفة له وكانه توريث.وهناك فلم للممثل احمد زكي عنوانه (البيه البواب) يصف ارتقاء بواب العمارة تدريجيا حتى اصبح وكانه مالك العمارة والمتحكم بسكانها.
الوافد يتعب ويجتهد في عمله ويخلص وبالنهاية يستفيد ماديا اما شبابنا فيتكبرون عن هذه الاعمال وخلال جائحة كورونا فان معظمهم يقضون اوقاتهم بلا دراسة وبلا عمل ويقضون اكثر من ثلثي وقتهم على العاب الحاسوب كالبكجي وغيرها حتى ان بعضهم يتصل بحارس العمارة ليشتري له السجائر والكولا والمكسرات والشكولاته ووالده يتالم من هذا السلوك ولا يجرؤ على عمل شيء لان والدة الشاب له بالمرصاد.
صدقوني ان بعض الشباب لا يعرف عنوان العمارة ولا رقمها ولا خزان الماء التابع لاسرته ولا حتى القاطع الكهربائي وان حدثت مشكلة صغيرة وهو في البيت وحده فاما ان يتصل بالحارس او باهله ان كانو خارج البيت.
يستطيع شبابنا ان يقومو بكل مايقوم به حارس العمارة الوافد وبشكل افضل وبامكانهم ان يشتغلو بعمارات اخرى وتوفير المال على اهلهم وجيرانهم وجني مال لاباس به بدلا من الجلوس بلا عمل واضاعة الوقت بلا فائدة شريطة ان يخرجو من حالة الاستحياء وان يلاقو تشجيعا خصوصا من الامهات والاباء .
هل تعلموا ان عدد حراس العمارات في الاردن يزيد عن اربعين الف شخص وافد. هل تعلمو ان احد الوافدين قام بتاجير جزء من شارع المدينة المنورة قبل عدة سنوات لاحد اقاربه لمدة شهرين مقابل الفي دينار ليمسح قريبه السيارات التي كان هو يمسحها خلال فترة الشهرين لانه غادر لبلده ليتزوج.
هل تعلمو ان مزارع كثيرة في الاردن استولى عليها الوافدون بسبب ظاهرة الشعور بالعيب والاستحياء من العمل في الزراعة او حراسة العمارات او خدمة البيوت. في الاغوار وحدها يزيد عدد الوافدين عن ثلالثمائة الف وافد من اكثر من جنسية.
شبابنا الاعزاء: كورونا لم تنته بعد. والدينار اصبح شحيحا لدى ابائكم واهلكم وحتى لدى الحكومة فاتركو التكبر واخلعو ثوب الحياء واعملو بالزراعة والحراسة وباي عمل منعه عنكم التكبر والاستعلاء فالبطالة زادت عن ثلاثين بالمائة وكثير من المكاتب والشركات قد اقفلت ابوابها والتحسن قادم لكنه بطيء جدا وقد يحتاج سنتين على الاقل اذا توقف كورونا عن الظهور في هذا اليوم الذي كتبت به مقالي هذا.
ايها الشباب المحترمون والشابات المحترمات :اضرار البكجي والفورت نايت وغيرها من الالعاب والجلوس لعدة اشهر وربما لسنوات بلا عمل او دراسة قد تكون اشد خطرا من الاصابة بكورونا . فالفراغ مفسدة واحتياج الناس اكبر مهانة لان( الدين هم في الليل ومذلة في النهار) والصبر قد نفذ لدى كثير من الاباء والامهات واعلموا هذا القول: روحو عن قلوبكم ساعة بعد ساعة لان القلب يصدأ كما يصدأ الحديد.
مع اطيب الامنيات للجميع- راكان الشمالي
You must be logged in to post a comment.