الأطفال بين جمال البرآءة وبشاعة العالم

 

ضحايا مجتمع

كثيرا ما أفكر أنه لو كان لي سلطة تجعلني ولو بشكل بسيط أتسبب في تدمير الطفولة لتخليت عنها وعن ماسيعود علي من ورائها حتما ودون تفكير .

أي أوطان وأي مستقبل وأي حياة تلك التي نأملها وننتظرها ونحن نشاهد الأطفال على شاشات التلفاز وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كضحايا ! ضحايا حروب ، عنصرية ، عنف ، أنظمة جائرة ، استغلال جنسي ، مجاعات وفقر والأكثر ضحايا جهل أجيال سابقة !

نعم ضحايا جهل أجيال سابقة ، فكيف للأطفال أن يعيشوا دون أجيال سابقة لهم تربي بداخلهم القيم والمبادئ و تتحمل مسؤولية إنجابهم ! 

كيف لهم أن يعيشوا دون أن نؤمن لهم عيشا آمنا ومستقبلا جيدا !

كيف للأطفال أن يتربوا بطريقة سوية وبعقول سليمة مالم تنتهي تلك الحروب وتخمد تلك النيران !

كيف لأولئك الأطفال أن ينسوا مامروا به وماترك بقلوبهم من رماد لوث صفاءها! 

حروب شوهت الطفولة 

تلك الآلام التي جعلنا أطفال فلسطين نشعر بها هي بالتأكيد من ولدت بقلوبنا كره المحتل وهي ذاتها من جعلتنا ندافع عنهم ونذرف دموع العجز وقلة الحيلة حين نسمع أخبارهم المأساوية التي لاتنتهي وكأنها صارت أمرا طبيعيا أو قدرا مكتوبا عليهم إلى الأبد .

أولئك الأطفال الذين لايملكون من القوة سوى قلوبهم الشجاعة وتلك الحجارة التي صارت رمزا لثورتهم على الظلم ، أطفال تخدعنا أجسادهم الصغيرة والمنهكة والتي في الحقيقة بداخلها مناضلين شجعان سيستمرون في الدفاع عن حقهم بأرضهم مهما كلفهم الأمر.

أذكر أني احتفظت لسنوات بصورة طفل سوري من ضحايا الحرب لاتزال بهاتفي جعلني أشعر بمعاناة شعب كامل لم أعشها ، نظراته البريئة والممزوجة باليأس حفرت بقلبي ألما جعلني أنبذ كل من سبب الرعب والشتات لهؤلاء الأبرياء .

كل يوم نسمع عن أطفال اضطروا للنزوح مع عائلاتهم تحت قسوة الظروف إلى عدة بلدان وقد حرموا عيش طفولتهم وانتهكت أبسط حقوقهم دون أدنى مساندة أو دعم .

منذ مدة قرأت مقالا لطفلة من سوريا كان المقال ممتازا ومؤثرا لدرجة أنه أوحى لي بأنها كاتبة قديمة ومتمكنة في مجال الكتابة وتعجبت حين عرفت عمرها ، كانت تتحدث فيه عن معاناتها قبل وبعد اللجوء وعن عيشها طفولة أصابتها بالخيبة فماعادت تبحث عنها . 

وهذا يشمل معاناة آلاف الأطفال من الحروب في كثير من الدول والتي أفقدتهم متعة البرآءة واللعب كما يجب أن يشعروا ، فحل محل ذلك الكثير من المرارة والخوف .

معاناة لاتنتهي

ويوميا أيضا نسمع عن معاناة مئات الأطفال ، أطفال يعانون التنمر والعنصرية في أنحاء العالم بسبب الدين أو العرق أو الشكل أو غيرها وآخرون يستغلون في عوالم خفية لانعلم عنها شيئا كالانترنت المظلم (Dark web) بجعلهم كالدمى التي يدفع عليها أموال طائلة للتحكم بها كما يريد مرضى هذا العالم  والكثير منهم يدمر انفصال الأبوين ومشاكلهم حياتهم الوردية !

أي مستقبل لطفل مهضوم الحق في الشعور بأن له أسرة متحابة ترعاه كأقرانه الآخرين ، وأي مستقبل لطفل يعيش في أسرة متفككة دمرت مشاعره وآماله قبل أن تبنى !

ولن ننسى الحديث عن البيدوفيليا التي وللأسف اجتاحت العالم مؤخرا وصدمت الجميع بأخبارها وجرائمها الشنيعة بحق الطفولة

فهل فكرتم من قبل أي ذكرى سيحملها الأطفال في المستقبل عن هذا العالم !

هل فكرتم بكمية الأمراض النفسية التي ستهدد حياتهم !

هل فكرتم إن كان لهؤلاء الأطفال ذنب سوى مجيئهم إلى عالمنا المعتم اليوم !

ربما لو بحثنا جميعا عن أجوبة صادقة لتلك الإجابات ماكانت معاناتهم ستصرخ دون أن يسمعها أحد ودون أية جدوى ترجى .

 

 

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad