الأُستاذ وبائع الصحف ذو القميص الممزق

الأُستاذ وبائع الصحف ذو القميص الممزق

YQ_c4dEbVKpWftCgEJS6ncT0XjCP7NzgF6RATgQv5wMEIx_vq6uprVcoyleTArCUs4mQZ0ZSXukwYDb0TaFz09DGCmOmLpnHjubscsxHX7wjTSf2dtmApISExcssVzHawUHk8T8O

 

الستر هي من أهم النعم التي مَنّ الله بها علينا، لذلك يتوجب علينا أن نحمده ونشكره على هذه النعمة العظيمة، وهي نعمة يتمناها أغلب البشر، اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض آمين يارب العالمين، ولذلك جعلنا بين أيديكم قصة لطيفة دارت بين أحد أساتذة المدارس وبائع الصحف ذو القميص الممزق.

 

في صباح كل يوم كان الأستاذ رامي يذهب إلى عمله في وقت مبكر، يتمشى ويتأمل في ملكوت الله، وفي كل يوم يشتري الصحيفة من رجل يجلس على باب المدرسة يجمع قوت يومه من بيع الصحف الورقية، وعندما يصل الأستاذ رامي عند عتبة البائع يبتسم الرجل العجوز، وكان يقول له: كيف حالك في هذا اليوم؟ كان يقول: في نعمة الستر والحمدلله.

 

وفي نهار اليوم التالي كذلك اشترى الجريدة، وسأله عن حاله وكانت الإجابة نفسها دائمًا في نعمة الستر الحمدلله، تعجب الاستاذ رامي وقال: ولم الستر بالذات؟ وقال له العجوز: لأنني مستور من كل الأحوال بفضل الله تعالى! نظر الأستاذ رامي إلى حال الرجل ونحوله وقال: حالتك صعبة، وقميصك ممزق ومرقّع عن أي ستر تتكلم؟؟ ضحك العجوز ضحكة أخجلتني من سؤالي وقال لي: يا بني لا تنظر إلى ملابسي، فالستر أنواع.

 

بدأ العجوز بائع الصحف بسرد أنواع الستر للأستاذ رامي وقال: عندما تشعر بالوهن والمرض ولكن باستطاعتك المشي على قدميك فهذا ستر من الله من ذل المرض، وعندما يكون في جيبي القليل من المال الذي يكفي أن أنام وأنا شبعان حتى لو أكلت نصف رغيف خبز فقط، فهذا ستر من الله من ذل الجوع، وأردف وهو يشير إلى ملابسه: يا بني حتى لو كانت ملابسي مرقّعة فهي ستر من الله من ذل البرد القارص، وعندما أضحك وأنا في قمة حزني وألمي فهذا ستر من الله من ذل الإنكسار والمهانة.

 

ثم أشار إلى الصحيفة التي بيدي وقال: عندما تكون لديك القدرة على قراءة تلك الجريدة، فهي ستر من الله من ذل الجهل، ثم أشار إلى بسطة الصحف وقال: وعندما يكون لي وظيفة أمتهنها حتى لو كانت بيع الصحف، فهي ستر من الله من ذل السؤال والعوز وتمنعني عن مد يدي للناس، وعندما ترجع إلى بيتك تجد زوجتك بانتظارك في نهاية كل يوم فهذا ستر من الله لك من ذل الوحدة.

 

يا بني الستر ليس ستر الفلوس بل ستر النفوس، دمعت عيناه وقال: الله يستر على جميع خلقه كما سترني، قبلت جبينه وطلبت منه أن يسامحني لم أقصد ما نطق به لساني، إنما تعجبت عن أي ستر يتحدث، علمني درسًا لن أنساه في حياتي.

 

قل الحمدلله دائمًا وأبدًا واللّهم استرنا يارب العالمين.

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

ممرضة/صحفية/ كاتبة عندما ينكسر الماء سأعلن انكساري، ومن اتقن الصبر سوف يتقن جميع مستحيلات الحياة.