الاختراعات ورفاهية البشرية
د.م/ هبة الرحمن أحمد
Hebatalrahman11@yahoo.com
hebatalrahman11@gmail.com
استشاري علوم المواد وتطبيقاتها-مصر
التطور الإنساني ارتبط منذ عقود سحيقة بالاختراعات والابتكارات التي غيرت شكل الحياة علي وجه الأرض والتطور في العلم لا يعني استحداث مواد جديدة فحسب فذلك بعض من كل ولكنه يشمل تقنيات القياس والمعايرة الحديثة وابتكار وسائل تصنيعية وإدخال تقنيات حديثة في عمليات الاستكشاف والتصنيع والتشكيل والمعالجة وحاليا ظهر تعبير المواد الخضراء ليعبر بقوة عن الاتجاهات الحديثة في علم المواد ومفهوم المواد الخضراء يعني أن تكون المواد الحديثة صديقة للبيئة في كل مراحلها فتصنع بطرق بعيدة عن التلوث ويتم التخلص من عادم ونفايات التصنيع بطرق أمنة ويتم إعادة تدوير المادة والتخلص منها بعد انتفاء الغرض من استخدامها بشكل صديق للبيئة
فعالم الاختراعات الجديدة وان كان واسعا وكبيرا ولكننا يمكننا أن نلخصه في عدة محاور التي سوف نتناولها في هذا الكتاب علم المواد المركبة وتقنيات النانو واستخدام DNA والمواد الحيوية في استنباط مواد جديدة ذات قدرات فائقة ويعد ظهور الليزر وتطبيقاته في علم المواد بمثابة طفرة حقيقية
بدأت قصة الاختراعات والابتكارات منذ قرابة 7000 عام فقد كان سيدنا إدريس هو أول من لبس المخيط وخط بالقلم إيذانا بمعرفة الكتابة وظهور علم التدوين وكان ذلك علي أرض مصر و اخترع قدماء المصريين الزراعة والملابس وأنظمة الري وكانوا أول من انتعل الأحذية وارتدي الثياب وابتكر المصريون أنواعا من الفنون فعرفوا آلات موسيقية وفن النحت وفن التحنيط وفي مضمار البناء والتشييد فقد عرف قدماء المصريين بأنهم أعظم البناءين في التاريخ فقد شيدوا المعابد وعرفوا علم التعدين بنوا الاهرامات التي تعد أعظم الاختراعات في تاريخ البشرية. وشهد العصر البطلمي نهضة علمية وتقنيه في كافة المجالات فقد كانت ارض مصر ومكتبة الإسكندرية هي قبلة العلماء والمبدعين من كافة بقاع الأرض حيث سطر المصريون النظريات العلمية وصمموا المعدات والأجهزة وشيدوا منارة الإسكندرية التي تعد احدي عجائب الدنيا السبع القديمة وما وصف رب العزة في كتابة العزيز الحكيم بأنهم ما كانوا سابقين إلا عندما وصف المصريين (( وفرعون وهامان وجنودهما وما كانوا سابقين)) فقد ميز المصريين السبق والإبداع والابتكار علي مر العصور
ولكن طبقا لأخر الإحصائيات العالمية فقد اختلف اليوم عن البارحة عدد براءات الاختراع المسجلة في العالم 116594 اختراعا ، حسب إحصائيات عام 2001 فإن لأوروبا من هذه البراءات 47.4% وأمريكا الشمالية 33.4% واليابان والدول الصناعية الجديدة 16.6، وإسرائيل من حيث تعداد السكان 1/50 من سكان الدول العربية ، لكنها ببراءات الاختراع 24 ضعف، وفي عام 2004 سجلت إسرائيل 22 ألف براءة اختراع - في السعودية 200 براءة اختراع سجل منها 6 فقط - 3 في الأمارات- 6 في مصر - 3 في الكويت (1) : (5).
ومنظومة الاختراعات العالمية والحماية التقنية والصناعية يشوبها الكثير من القصور في مناحي عديدة فليس هناك منظومة حماية عالمية للاختراعات حتي الآن فقد استحدثت المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة WIPO مجموعة مكاتب للفحص الدولي في كافة أرجاء المعمورة ليتم فحص ومراجعة الاختراعات طبقا لمعايير دولية محضة من الجدة والخطوة الإبداعية ، حيث يشترط أن يكون الاختراع جديدا غير مسبوق في عناصر حمايته وكذلك يتسم بالإبداع والتطوير والبعد عن النمطية والقابلية للتطبيق الصناعي، ولكن منظومة الحماية للاختراعات تعد قصيرة الأجل 20 عاما قياسا بحقوق الملكية الفكرية الاخري التي تمتد مدي الحياة في أحيان وتصل لأكثر من 50 عام في أحيان أخري ، ناهيك عن أن الحماية تكون محلية في الدولة التي يقوم فيها المخترع بتسديد الرسوم السنوية مما يشكل إجحاف شديد لحقوق المخترع فكيف يتم تقييمه طبقا لمعايير دولية دقيقة وموحدة ويتم حمايته طبقا لمعايير مادية محضة تتوقف علي قدرته علي سداد الرسوم في عدد من الدول دون غيرها. ومن المشكلات الهامة التي تواجه المخترعين وتضع القصور في منظومة الاختراعات العالمية التي هي أساس تقدم البشرية عدم وجود مكاتب براءات في العديد من الدول كما أن منظومات الحماية تختلف من دولة لدولة حسب نظمها السياسية والاقتصادية والقوانين الوضعية المتبعة.
أن إيجاد منظومة عالمية للحماية تكفل العدالة والمساواة بين كافة المبدعين والمبتكرين في كافة أرجاء الأرض ويشجعهم علي الاستمرار في إبداعاتهم واستثمارها لهو الطريق الامثل لرفاهية البشرية ويعد قاطرة التنمية الحقيقية التي يجب أن يلحق بها العالم أجمع.
You must be logged in to post a comment.