البصمة لغة
جاء في بعض المعاجم والقواميس العربية، بصم يبصم بصماً، فهو باصم، بصم الشخص: ختم بطرف إصبعه، والبنان: أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، والبنانة: الإصبع كلها، وتقال أيضاً للعقدة من الإصبع، وبصَّم الشرطي المتهم: أخذ طبعة بصمته في قالب، والجمع بصَمات وبصْمات، وقد ورد لفظ بنان في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة:4]، وقال تعالى: ﴿وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال:12].
البصمة اصطلاحاً
البصمة Fingerprint هي ما تتركه الأصابع، من أثر أو علامة، على الورقة أو القالب، وهي الوسيلة المثلى، في تحديد هوية الأشخاص، وعملية ترتكز على تسجيل التعرجات، التي تنشأ من التحام طبقة الأدمة مع البشرة، في أطراف الأصابع، من أجل الحصول على طبعات، وتتكون هذه الطبعات من أشكال وخطوط مختلفة، ومن إعجاز الله تعالى في خلقه، أنه تختلف البصمات من شخص لآخر، فلا تتشابه ولا تتطابق بصمات شخص، مع بصمات شخص آخر، حتى في أصابع وأرجل التوأمين المتطابقين، والجدير بالذكر أن تكوين بصمات الأصابع عند الجنين، يكون في الشهر الرابع، وتظل هذه البصمات ثابتة طوال حياته، وقد يحدث أن تتغير بعض أشكال وخطوط البصمات، وذلك في بعض الحالات، مثل إجراء عملية جراحية، أو الإصابة بمرض ما، أو التعرض لحادث مروري.
النشأة والريادة
استعملت بصمات الأصابع منذ أكثر من ألفي عام، للتعرف على الأشخاص، لكن هناك فرق شاسع بين العلم باختلاف بصمات الأصابع، وبين المعرفة باختلاف بصمات الأصابع، وقد حقق الطبيب الإيطالي مرتشيلو ملبيغي Marcello Malpighi، أول إسهام في علم بصمات الأصابع، في عام 1686، حيث درس البصمات تحت المجهر، واكتشف أنها تتكون من أنماط لولبية وحلقية، وتم استخدام بصمات الأصابع، لأول مرة في أوروبا، من أجل التعرف على السجناء، في عام 1858، وقد بدأ العالم الإنجليزي فرانسيس غالتون Francis Galton، بتصنيف بصمات الأصابع، في عام 1880، كما قام مفوض أسكتلاند يارد في لندن، إدوارد هنري Edward Henry بتأسيس نظام سهل لتصنيف وتجميع البصمات، في عام 1893، حيث اعتبر أن بصمة أي إصبع، يمكن تصنيفها إلى واحدة، من ثمانية أنواع رئيسية، وأن أصابع اليدين العشرة هي وحدة كاملة، في تصنيف هوية الشخص، وقد أدخلت البصمات في نفس العام، كدليل قوي في دوائر الشرطة، في أسكتلاند يارد، واليوم يقوم عدد من مستشفيات التوليد، بأخذ بصمات أقدام الأطفال عند ولادتهم، ليسهل التعرف عليهم.
الحاجة والأهمية
يستخدم المحققون بصمات الأصابع غالباً، من أجل استقصاء الجرائم، وملاحقة المجرمين، وعند اكتشافهم بصمات في مكان الجريمة، قد يفيدهم هذا، في تحديد هوية الفاعل، حيث أن بصمات الأصابع، التي تشابه البصمات المحفوظة، في سجل دوائر الشرطة، تستخدم كدليل قوي ودامغ في المحكمة القضائية، وتوجد حواسيب في كثير من القواعد العسكرية، والبنايات الحكومية، والمصارف، هذه الحواسيب تعمل على التأكد، من بصمات العمال، قبل قبولهم في جهات معينة، كما تساهم بصمات الأصابع، في التعرف على ضحايا الكوارث والحروب، مثل الزلازل، أو الحرائق، أو الأوبئة، أو حوادث سقوط الطائرات.
الحبر الخاص
اخترع الطبيب الأسكتلندي هنري فولدز Henry Faulds، في عام 1877، طريقة وضع البصمة على الورق، باستخدام حبر خاص، حيث يتم تسجيل بصمات الأصابع، بواسطة قطعة من المعدن، أو الزجاج، تكون عليها طبقة خاصة من الحبر، بحيث تضغط أطراف الأصابع، في داخل هذا الحبر، في حركة مائلة، من أحد جوانب الظفر، إلى الجانب الآخر، بعد ذلك تضغط الأصابع المغطاة بالحبر، على ورقة بيضاء، للحصول على نسخة من البصمات.
الظاهرة والكامنة
قد تكون البصمات ظاهرة أو كامنة (مختفية)، والبصمات الظاهرة تكون في معظمها، بصمات لأصابع ملوثة بالتراب، أو بالدم، أما بالنسبة إلى البصمات الكامنة، فتكون لأصابع متسخة بالدهن، أو بالعَرق، وهذه المواد تتراكم بشكل طبيعي على الأصابع، ويتم تصوير البصمات الظاهرة في الحال، أما البصمات الكامنة فيجب أن تظهر أولاً، من خلال استعمال المسحوق الملون، الذي يقوم بإظهر معظم البصمات الكامنة، الموجودة على الأسطح، غير القابلة للامتصاص، مثل المعدن، أو الخشب، ويوضع هذا المسحوق بالفرشاة على السطح، فتلتصق بالدهن أو العَرق في مكان البصمات، ويتم رفع البصمات من على السطح، بواسطة ضغط قطعة، من الشريط اللاصق على المسحوق، ثم تصور من على الشريط، كما ويستخدم المتخصصون المواد الكيميائية، من أجل إبراز معظم البصمات الكامنة المتروكة على الأسطح الماصة، مثل القماش، أو الورق، حيث تتفاعل المواد الكيميائية مع العناصر الموجودة في الدهن أو العَرق، الذي تركته بصمات الأصابع، وتقدم شكلاً ملوناً للبصمة، ثم يتم تصوير الشكل، وهناك بصمات كامنة، لا يمكن إظهارها إلا بواسطة الليزر، فعندما يصدر جهاز الليزر شعاعاً ضوئياً قوياً، يقوم بتمييز الدهن أو العَرق، الموجود في البصمات، باللون الأصفر، ليصبح من السهل تصويره.
الأشكال والخطوط
اكتشف الطبيب التشيكي جان بركنجي Jan Purkyne حقيقة البصمات، في عام 1823، ووجد أن الخطوط الدقيقة الموجودة في رؤوس الأصابع، تختلف من شخص لآخر، فقام بتصنيفها وفقا لأشكالها، وعدد خطوطها الموجودة، بين نقاط معينة، وقد حدد أربعة أشكال رئيسية للبصمات، وهي:
- الشكل العروي: وهو أكثر أنواع البصمات انتشاراً، وفيه تبدأ خطوط الأشكال، على شكل عُرى أو عُقد، من جوانب الإصبع، وتنحني إلى الخلف، بشكل حاد، وتنتهي على نفس الجانب.
- الشكل الحلزوني: وفيه تكون خطوط الأشكال، على هيئة دائرية.
- الشكل القوسي: وفيه تمتد خطوط الأشكال، من أحد جانبي الإصبع إلى الآخر، مرتفعة في منطقة الوسط.
- الشكل العشوائي: وفيه تتنوع الهيئات وتتعدد، فليس ثمة شكل محدد، وهو خليط من الأشكال والخطوط السابقة، حيث يتركب من صور متنوعة، مثل العُرَى أو العُقد المجمعة، إضافة إلى الأشكال الحلزونية والقوسية، لذا يعرف هذا الشكل بـ(المركب).
المراجع
- الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.
- الموسوعة العلمية الشاملة، أحمد شفيق الخطيب، يوسف سليمان خير الله، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، 1998.
You must be logged in to post a comment.