الترياق السحري
الأمومة ذاك المفهوم السامي، المتجذر في الانثى منذ بدايتها، متقمصة دور الام مع العابها منذ نعومة اظافرها، فلا داعي عزيزتي الأنثى ان اقول لك ان دورك الحقيقي يبدا مع ولادة طفلك بدقائق، لان على اية حال ستذكرك الممرضة بذلك، حاملة معها طفلك كي ترضعيه، وهنا تبدأ رحلة العطاء والكفاح.
حليب الام ذلك الترياق السحري، ذو الفوائد التي لا حصر لها، فعدا انه يعتبر وجبة طعام معقمة وخالية من الجراثيم، فحليب الام يحتوي على نسبه عالية من البروتين، الحديد، الزنك والكالسيوم ذوات الامتصاصية العالية مقارنة بالحليب الصناعي ،و ما يميز حليب الام انه يحوي على مضاد IGA الذي يكسب جسم الطفل المناعة منذ بداية حياته. اثبتت الدراسة ان نسبة الامراض الحساسية مثل الربو والاكزيما و امراض السمنة المفرطة اقل عند الاطفال الذين تلقوا الرضاعة الطبيعية بالنسبة للأطفال الذين اعتمدو على الحليب الصناعي.
عزيزتي الانثى تزف لك الرضاعة الطبيعية العديد من النعم فهي بحد ذاتها تعتبر وسيلة طبيعية لمنع الحمل حيث يعد هرمون البرولاكتين المفرز من قبل الام المرضعة عامل مثبط لهرمونات الدورة الشهرية، و اثبتت الدراسات ان نسبة أمراض سرطان الثدي و المبيض و امراض هشاشة العظام اقل عند الام المرضع من غيرها ، ولا داعي ان اذكر لك ان الرضاعة الطبيعية تضمن لك علاقة مقدسة خاصة بينك وبين رضيعك أساسها الحب و النظرات المتبادلة.
لكن دعيني اخبرك ايتها الام ان لرضاعة الطبيعية قواعد يجب ان تاخذها بعين الاعتبار للوصول للنعم هذه كافة، فيجب قبل البدء بعملية الرضاعة ان يكون الطفل والام في وضعية مريحة مع ابقاء التناوب بين الثديين ، وعن تطرقنا الي هذه الموضوع فلا نستطيع أن ننسى السؤال الشائع بين الأمهات الا وهو كيف تعلم الام ان ابنها اخذ القدر الكافي من الحليب وانها تمده بوجبة مشبعة؟؟؟ إجابة هذا السؤال توارثناها من جداتنا وأمهاتنا ،فعند نوم الطفل لساعات كافية من غير بكاء، عندها تعلمين عزيزتي الانثى انه اخذ مقدار كافي من حليبك ، ويرجح الاطباء ان العامل الرئيسي في تحديد كفاية عملية الرضاعة هو وزن الرضيع الذي يتغير بمنحنى متزايد في الاشهر الأولى، وتستطيعين ايتها الام تحديد ذلك عن طريق قياس ملابس طفلك ، ومن المعايير الاخرى ايضا هي لون براز الطفل حيث يكون اصفر اللون و لين عند الرضاعة الطبيعية، وتعتمد الانثى ايضا على احساسها بتدفق الحليب من ثديها الاخر اثناء عملية الرضاعة.
على الرغم من ان الرضاعة الطبيعية تعتبر هدية الام لنفسها ولابنها و الكره الأرضية كافة، الا ان نسبة عزوف الامهات عن الرضاعة الطبيعية كبيرة وخصوصا الامهات اليافعات منهم، معللات بذلك انها عملية مستنزفة للوقت وانها قد تسبب لهن تقرحات في الحلمة، ولكن لكل مشكلة حل و حل هذه المشكلة يكمن في امكانية استخدام مضخات خاصة من قبل الام وتفريغ حليبها ثم تخزينه بالثلاجة واستخدامه متى ما ارادت.
لا ننكر ايضا ان ان هناك بعض الحالات النادرة التي التي لا تمكن الام من اداء هذه المهمة السامية الا وهي استخدامها لأدوية معينة مثل ادوية الكيماوي وادوية فرط الغده الدرقية وادوية مرض الصرع وايضا لا تستطيع الام التي تعاني من امراض السل و الكبد الوبائي HBV ومدمنة الكحول من ارضاع طفلها، لما لهذه الحالات من اضرار سيئة على صحة الطفل، رجح العلماء ان هناك امراض يعاني منها الطفل الرضيع مثل أمراض الامتصاصية لا تمكنه من الاستفادة من حليب الام وايضا هناك حالة خاصة عند الاطفال الذين ولدوا ولاده مبكرة، فلا تستطيع الأنثى ان تامن جميع متطلبات بناء جسم رضيعها عن طريق حليبها فقط ، فيصف لهم طبيب الأطفال نوع حليب خاص ، ومن الجدير بالذكر ايضا انه يجب تزويد الاطفال الذين يعتمدون بالشكل الكامل على الرضاعة الطبيعية بفيتامين دال و بوتاسيوم في اول يوم لهم وفي الشهر السادس.
ولكن اياك ايتها الام حرمان نفسك وابنك من هذه النعمة المقدسة العظيمة، التي منحك الله اياها و فضلك على سائر عباده، فلا تنسي ان الحليب الصناعي يملأ الامعاء فقط و لكن حليب الام يملئ الأرواح ايضا.
You must be logged in to post a comment.