مقدمة
تعرف الجراثيم أيضاً بالميكروبات أو العضويات المجهرية، وهي إما أن تكون من فصيلة نباتية أو حيوانية، ولم يتمكن العلم من إثبات الجراثيم التي تسبب الأمراض إلا عام 1865، عندما أعلن العالم الفرنسي لويس باستور نظرية الجراثيم، ويعتبر الجرثوم أخطر أعداء البشر، وهو أصغر من الخلية الحيوانية بحوالي 1000 مرة، فلا يرى بالعين المجردة، إنما يشاهد بتفاصيله بواسطة المجهر الإلكتروني، والواقع أن بعض الجراثيم صغير جداً، لدرجة أننا لا نستطيع رؤيتها تحت المجهر الإلكتروني، والخلية الجرثومية ذات جدار ثخين، وهي غير منواة، وتعيش البكتيريا إما باستخدام طاقة الكيماويات أو ضوء الشمس، أو بامتصاص مواد غذائية من العضويات الميتة كبقايا النبات والحيوان، أو من الخلايا الحية.
أنواع الجراثيم
وتسمى الجراثيم التي تنتمي إلى الفصيلة الحيوانية (بروتوزوا)، في حين تسمى الجراثيم التي تنتمي إلى الفصيلة النباتية (بكتيريا)، وهناك مجموعة ثالثة من الجراثيم تسمى (فيروس)، وهو صغير لدرجة أنه يستطيع المرور في أدق الشرايين، وهذا يعني أن الفيروس دقيق جداً، ولكل مرض جرثومي نوع معين من الجراثيم يسببه، فمثلاً الجرثومة التي تسبب الحمى القرمزية، لا تسبب الملاريا، ولا يمكن أن يصاب الجسم بالحمى القرمزية بغير هذه الجرثومة بالذات، وللكثير من الجراثيم -التي تسبب الأمراض- أقرباء لا تؤذي الإنسان، بل على العكس هي مفيدة ونافعة، وفي معظم الأمراض التي تصيب الإنسان، إذا لم تقتل الجراثيم المريض، فإن جسم المريض سوف يقضي على هذه الجراثيم عاجلاً أم آجلاً، وهناك بعض الأمراض مثل الحمى القرمزية والحصبة، تترك مناعة لدى جسم المريض، ونعني ذلك أن هذا الجسم لن يصاب مرة أخرى بهذا المرض، وقد تعطي اللقاحات والعقاقير الجسم مناعة، ضد بعض الجراثيم في حال حدوث تسمم.
أماكن تواجد الجراثيم
يحتوي الجرثوم الواحد على خلية واحدة، وهو أكثر الكائنات الحية انتشاراً على الأرض، فهو يعيش في أفواه الحيوانات وأنوفها وأمعائها، وكذلك الإنسان، كما يعيش في أوراق الأشجار المتساقطة، والأشجار البائدة، ونفايات الحيوانات والجيف، والمياة العذبة والمالحة والقذرة، والحليب، ومعظم المآكل والأطعمة، والغبار، والتراب، وبعض الجراثيم يتغذى من مواد كغاز الهيدروجين والأمونيا ومركبات الحديد، وقليل منها يتغذى بالحوامض والغازات التي تسمم الإنسان.
كيفية تكاثر الجراثيم
تتكاثر الجراثيم –غالباً- بالانشطار، أي: بانقسام الخلية إلى اثنتين، ففي ظروف ملائمة –من الدفء والرطوبة ووفرة الغذاء- تنقسم الخلية إلى اثنتين كل عشرين يوماً، ومعنى ذلك أن الجرثوم ينتج ثلاثة أجيال خلال ساعة واحدة فقط، ففي 24 ساعة تنتج الانقسامات المتكررة حوالي 5000 بليون بليون جرثوم.
الفرق بين البكتيريا والفيروس
من الناس من يخلط بين البكتيريا والفيروس، عند حديثه عن الأمراض وأسبابها، ولكن في الحقيقة أن البكتيريا تختلف عن الفيروس، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مثلما توجد بكتيريا تسبب الأمراض، فإن هناك بكتيريا لا علاقة لها بالأمراض بتاتاً، فهناك أكثر من ألفي نوع من البكتيريا على الأقل، معظمها مفيد وغير ضار، فهي تتسبب في تعفن النباتات الميتة والحيوانات النافقة، وتساعد في عمليات الهضم لدى الإنسان والحيوان، كما تستعمل في عمليات التخمير، التي تنتج بعض أنواع الطعام والأدوية ومنتجات صناعية أخرى، ومن جهة أخرى، فإن البكتيريا تلعب دوراً مهماً في معالجة الفضلات البشرية، فلا تصبح من أسباب التلوث، عندما تسيل السوائل الفضلاتية -في مجمع تكرير مياه المجارير- عبر طبقات من خبث الفحم والحصباء الدقيقة، تعمل البكتيريا الموجودة في تلك الطبقات على هضم الفضلات، وتفكيكها إلى مواد مأمونة أبسط، وبذلك يمكن إعادة تلك المياه إلى الجداول والأنهار، من دون أن تعرض الحياة البرية للضرر.
الأمراض التي تسببها البكتيريا
هناك أنواع من البكتيريا تعيش في الينابيع الحارة، وهناك أنواع أخرى تقتلها الحرارة القصوى، وقد يحد الجليد من نمو البكتيريا، إلا أن الجليد لا يقضي عليها، ولذا فهي تبقى غير فعالة لفترات طويلة من الزمن، وقد حدث أن وجدت البكتيريا مجمدة في مكامن الملح، عبر مئات ملايين السنين، وعادت إلى فعاليتها حالما نقلت إلى المختبر.
تتواجد البكتيريا في فم الإنسان لاتصاله بالهواء، هذه البكتيريا تعيش بهضم مخلفات الطعام، وإذا لم ينظف الإنسان أسنانه بانتظام، فسوف تتراكم تلك البكتيريا، مكونة لويحات قلاحية بيضاء أو مصفرة، وتهاجم الحوامض -التي تنتجها البكتيريا- ميناء الأسنان الصلبة، الأمر الذي يؤدي إلى نخرها، وامتداد النخر بسرعة إلى الطبقات الطرية تحتها.
البكتيريا -كما ذكرنا آنفاً- أنواع مختلفة، بعضها ضار وبعضها نافع، فالبكتيريا المؤذية تشمل التي تسبب الأمراض الخطيرة، مثل الكزاز وإنتان الدم، أي: تسمم الدم، والبكتيريا المفيدة تشمل البكتيريا المفسخة، التي تقوم بتحليل الفضلات إلى موادها الأولية، والبكتيريا المنترتة التي تثبت نيتروجين الهواء في جذور النبات، إضافة إلى بكتيريا التخليل ومستخرجات الألبان.
الأمراض التي يسببها الفيروس
إن الفيروس لا ينمو، إلا عندما يتواجد داخل الخلايا الحية، أما خارج هذه الخلايا فإنه يبدو ميتاً لا حياة فيه، إنه لا يتوالد إلا إذا كان داخل خلايا الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجرثومة، ويعرف الفيروس الذي يصيب الإنسان والحيوان بالفيروس الحيواني، أما الفيروس الذي يصيب النبات، فيعرف بالفيروس النباتي، والفيروس الذي يصيب البكتيريا، يعرف بالفيروس البكتيري، ويدخل الفيروس الإنسان والحيوان عن طريق التنفس أو البلع، أو عبر فتحة في الجلد، وبعض هذه الفيروسات تعمل على تدمير الخلايا بمجرد نموه فيها، وبعضها يعمل على اضمحلال الأغشية الفاصلة بين الخليتين، وبعضها يجعل الخلايا خبيثة، ومن الأمراض التي يسببها الفيروس: الحصبة، وجديري الماء، وداء الكلب، وشلل الأطفال، والبرد العادي، والإنفلونزا.
قبل اختراع المضادات الحيوية، كانت الأمراض الجرثومية تكتسح مناطق واسعة بأوبئة مروعة، فخلال القرنين الثالث عشر والسابع عشر، اجتاح أوروبا الطاعون الدبلي (الدملي)، المعروف بالموت الأسود، فقضى -هذا الوباء- على ملايين البشر، وتسبب هذا الطاعون جراثيم تعيش في الجرذان والقوارض، وتنتقل منها إلى الإنسان بواسطة البراغيث.
المراجع
- الموسوعة العلمية الشاملة، أحمد شفيق الخطيب، يوسف سليمان خير الله، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، 1998.
- الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.
You must be logged in to post a comment.