" يستطيع المرء في الفقر أن يظل محافظاً على نبل عواطفه الفطرية، أما في البؤس فلا يستطيع ذلك يوماً، و ما من أحد يستطيعه قط."
كيف لكَ هذا يا "فيودور دوستويفسكي" عندما علمت بأنها روايتك الأولى أصابتني الدهشة!
كيف أن تكون لكَ هذه القُدرة و هذه الموهبة الفذة.
الكاتب الروسي دستويفسكي واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين.
شخصياته دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت.
في روايته " الجريمة والعقاب" و التي تُعد من أشهر رواياته حيث تتطرق لمشكلة حيوية ومعاصرة ألا وهي الجريمة وعلاقتها بالمشاكل الاجتماعية والاخلاقية للواقع، وهي المشكلة التي اجتذبت اهتمام ديستوفيسكي في الفترة التي قضاها هو نفسه في أحد المعتقلات حيث اعتقل بتهمة سياسية وعاش بين المسجونين وتعرف على حياتهم وظروفهم.
وتتركز حبكة الرواية حول جريمة قتل الشاب الجامعي الموهوب رسكولينكوف للمرابية العجوز وشقيقتها والدوافع النفسية والاخلاقية للجريمة حيث يصور ذلك بقمة الإبداع كما لو كنت تُشاهد أحداث الرواية على أرض الواقع.
إنّ الجريمة لا تعني بالضرورة سفك دماء أو إنهاك روح، الجريمة قد تكون أبشعُ من ذلك بشكل أبسط أو أبسط من ذلك بشكلٍ أبشع.
قد ترتكب جريمة في حق نفسك عندما تسير بها إلى طريقٍ لم تألفه من قبل، طريقًا يُسارع نبضات قلبك و يجعل القشعريرة تسري في جسدك أو قد ترتكب جريمة في حق أحدهم بكلمةٍ ألقيتها على مسامعه أو ألقيتها في غيابه فساءت بذلك سبيلا.
كُلّ عمل قمت به تُصارع في داخلك قوتا الشر و الخير، الترغيب و الترهيب، الراحة و تأنيب الضمير.. هو جريمة.
طرح دستويفسكي نظرية التحليل النفسي و ما تمر به من أي مشكلة ميتافيزيقية طرّحُهُ لهذه النظرية سبق بها عالما النفس فرويد وآدلر.
كان نبضي يرافق راسكولينكوف في حياته التي بدت مظلمة وقاتمة يشوبها اليأس والعذاب والفقر وسقوط الإنسان الذي سُدت أمامه كل السبل حتى لم يعد هناك "طريق آخر يذهب إليه".
دستويفسكي يهتم في روايته بإبراز ظروف الواقع الذي تبرز فيه الجريمة كثمرة من ثماره، يطرح كذلك فئتين من المجتمع الروسي في حقبة قديمة لا تزال موجودة بصورة ما في حاضرنا؛ مجموعة تمثل الشعب المُتعب الذي يطحنه الفقر والحاجة والحرمان، ومجموعة أخرى تمثل أصحاب المال الذين تعطيهم ثروتهم -في نظرهم- حق الإساءة إلى المحتاجين.
لا أعلم الكمّ الهائل من المشاعر المتأججة التي صاحبتني خلال قراءة هذه الرواية، كانت أول أعمال دستويفسكي التي أقرأها و لن تكون الأخيرة.
ما هو إنطباعكم عن الرواية؟ ما هي المشاعر التي اختلجت في نفوسكم عند قراءتها ؟
اقتباسات نالت اعجابكم ؟
شاركونا 🌷
You must be logged in to post a comment.