الجغرافيا الطبيعية
الجزء الثانى :
ونتابع قصة الجغرافيا
حيث انه ما ان جاءت مرحلة الكشوف الجغرافية مع بداية القرن الرابع الا وازدهرت الفكر الجغرافى بازدهار العلوم الفلكية والرياضيات وبخاصة فى ايطاليا واسبانيا واتسعت المعرفة عن التوزيع الجغرافى لكتل اليابس والماء مع ارتياد الرحالة والمستكشفين للبحار والمحيطات واكتشافهم للعالم الجديد والوصول الى الهند والدوران حول الكرة الارضية .
هذا ولو امعنا النظر والتأمل فى الفكر الجغرافى عبر العصور المختلفة بدءا بالاغريق وحتى نهاية القرن الثامن عشر لوجدنا ان مفهوم الجغرافيا لم يخرج عن وصف الارض سواء اكان كتابة او تخطيطا وايضا يعتقد العالم الالمانى الكسندرفون همبولت (1769 -1859 )اول من حاول تغيير هذا المفهوم الجغرافى وهو الذى ارسى قواعد الجغرافيا الحديثة على اسس جديدة ,حيث يقول همبولت فى هذا المجال مايلى :
ان الاقسام المعروفة فى عالمنا الطبيعى تقع فى ثلاث مجموعات هى :
القسم الاول : يشمل الظواهر التى يمكن تصنيفها من حيث الشكل والمحتوى وهى ظواهر ترتب وتصنف بحسب مزاياها وخصائصها المتشابهة كالنبات والحيوان والجيولوجيا وتعرف العلوم التى تدرسهابالعلوم الطبيعية النظامية .
القسم الثانى : ويشمل العلوم التاريخية والتى تبحث فى المجموعات الحالية للظواهر وتتناول تاريخ تطور الكائنات والصخور .
القسم الثالث : وهو علم الارض او الجغرافيا الطبيعية وهو يدرس الظواهر من حيث توزيعها المكانى وعلاقتها المكانية ومدى اعتمادها على بعضها البعض .
هذا ومن الجدير بالذكر ان الجغرافيا الطبيعية قد ازهرت على يد همبولت ومعاصريه مثل كارل ريتر وهاتون حيث درس الكثير من ظاهرات السطح مثل المرتفعات والمنخفضات والجروف والاودية ونوقشت عوامل نشاتها وتطورها وقد تشعبت الجغرافيا الطبيعية الى عدة علوم يهتم كل علم منها بدراسة ظواهر طبيعية خاصة مثل الجيومورفولوجيا والجغرافيا المناخية وجغرافيا البحار والمحيطات .
ولقد ادى ازدهار الجغرافيا الطبيعية ونموها فى تلك الفترة الى نشأة المدرسة الحتمية فى الجغرافيا على يد العالم الالمانى راتزل عام 1844 ثم من بعده تلاميذه وانصاره مثل بكل فى بريطانيا (1881) والين سمبل (1911)فى الولايات المتحدة و ديمولين فى فرنسا ونلاحظ ان اسوأ مافى افكار هذه المدرسة هو مبالغتها الشديدة فى تصوير اثر البيئة الطبيعية على الانسان لتجعله عبدا خاضعا لها مسلوب الارادة .
وبناءا على ماسبق من اراء هذه المدرسة سرعان ماظهرت اراء مناهضة لهذه المدرسة تبرز دور ارادة الانسان وطاقاته وامكانياته فى السيطرة على بيئته وقهرها وحريته فى اختيار مايلاءم حياته وان خضوعه للبيئة وتأثره بها يتوقف على مستواه الحضارى , ولقد تبلورت هذه الاراء فيما عرف بالمدرسة الامكانية على يد العديد من العلماء مثل فيدال دى لابلاش و لوسيان فيفر فى فرنسا و فلير فى انجلترا و برن فى المانيا و كارل ساور فى الولايات المتحدة الامريكية .
ولان علم الجغرافيا الطبيعية يتناول بالدراسة ظواهر سطح الارض واشكاله مثل الجبال والهضاب والسهول والاودية والبحار والمحيطات وايضا دراسة ظواهر الغلاف الجوى وعناصره المختلفة واشكال التكاثف والتساقط وما يتوزع على سطح الارض من نبات وحيوان لذلك فان هذا العلم يتفاعل مع العديد من العلوم الطبيعية الاصولية الاخرى مثل علوم الجيولوجيا والطبيعة والمناخ والنبات والحيوان والاحياء البحرية وغيرها .
وهناك اشارة الى شئ مهم جدا وهو ان الجغرافى لا يردد او يكرر ماتأتى به هذه العلوم ولا يخوض فى تفصيلات لا تعنيه وانما ياخذ منها مايفى بغرض دراسته للظاهرة واضعا فى اعتباره دائما انه كجغرافى عليه الاهتمام بالبعد الجغرافى فى دراسته من حيث التوزيع والربط والتحليل ولا بأس من الاستعانة بالعلوم الاخرى واستخدام نتائجها فى سبيل الكشف عن توزيع الظاهرة وتحليلها وتقرير نشأتها وتطورها وهو ماجعل البعض يذكر ان عمل الجغرافى يبدأ عند النقطة التى تنتهى اليها العلوم الاخرى .
تم بحمد الله
You must be logged in to post a comment.