لعبة القدر

 

كانت تجلس امام الشباك بهدوء وصمت ترمي بنظراتها على قطرات الندى  تقلب ببؤبؤ عينيها مشهد الشتاء البارد الذي يعيد ماضيها القاسي كهذا الفصل تتفحص بأناملها كوب القهوه الساخن وتتشبث بقوة بكتيب يظهر كأنه مذكرات وصور قديمة فتنزل قطرات فضية لامعة تعكس قلبها تعود بها الذاكرة لسنوات خوال فتسقط شيئا فشيئا في بئر الماضي البعيد

................. عوده باازمن.....................

 

كانت تركض بين يديها دفتر تتسارع خطواتها كالريم والنسيم يعبث بشعرها فحتى هو يعشقه وصلت بيتها المزعوم باحاسيس مختلطة بين خوف وفرح دخلت كحمام يدخل الشباك تتهاوى لمسامعها اصوات صريخ بكلمات مبهمه تحاول تناسي معاناها تتمالك نفسها تتقدم ويتضح الصوت

-لقد اخبرتك انها عائق حقيقي لانستطيع توفير طعامها

-أنا أجهد قدر المستطاع

-لقد اخبرتك مرارا ان تطردها

-احقا ماتعنين اطرد ابنتي بعد موت امها

-ابنتك؟ ماهي الا فتاة وجدت كلقيه اتصدق انها ابنتك انها ابنه شارع

-ويحك يامراة اخفضي صوتك هذا لتسمعين الناس اسرار البيوت

كان ذاك صوت ابيها وزوجه ابيها امنة

تتالت الاسئلة كسهام في رأسها وطرقت الدموع عينيها لم تفهم مايقال ولم تعي ماسمعت تقدمت بخطى بطيئة كمن يسير على جمر تواسي نفسها بعكس ماسمعت وهمست بصوت حانق متقطع

-أ.. الست ابي!!

                 ***********

كنت اتناوش مع زوجتي حول ابنتي فهي لم تكن تتحمل حتى وجودها في المنزل وفجاة تعالت صيحاتنا ولم تسعني دنيا عندما سمعت صوتها الحنون يبادرني السؤال السؤال الذي هبته طول تلك المدة خفت ان تعرف حقيقة الامر وحرصت انا وامها على تخبأته ولكن هيهات تصمرت في مكاني انظر بندم وحزن مختلط بالغضب الى عينيها الصغيرتين كانتا تلمعان براءة وتكشف عن انكسار قلبها حاولت تدارك الامر ولكن تلك المتطفلة زوجتي تلفظت باقسى كلمات

-كما سمعتي انك لقيطة من الشارع جلبتي لنا الشؤم ارحلي من بيتي ايتها المسكينه

-مالذي تقولينه ياامراة اتطردين ابنتي من بيتي وامامي

-كما سمعت اما هي او انا واولادك لا مكان لي بوجودها اذا

عم الصمت فقد امتحنت باولادي فلذة كبدي وابنة ربيتها ايعقل ان اختارها من بعدهم ياإلاهي لاتمتحني باولادي ياإلاهي

*****************************

لم اكن استطيع تمييز كلماتهم بل ميزت ولكن تهاونت معاها قيدت حركاتي وسرا جليد في ارجائي مر شريط حياتي امامي كيف احياتي كلها كذبة اين عائلتي ولماذا تركوني الم يريدوني ومن هؤلاء الذين عشت معهم حياتي كلها الهمني الحل يالاهي

-حسنا لاباس فما انا الا غريبه عنكم لاتخيرني عن اولادك اسفة على كل ماسببته ياا... لااعلم مااناديك شكرا من اجلي كل شيء...

قالت ذلك بابتسامة مصتنعة وغادرت تمنت لو صاحت باعلى صوتها وسالتهم عن السبب تمنت لو احتضنها ذلك الاب الغريب وامسك يدها تتهاوى بين الازقه دون وجهة تعصف بها الرياح وتهددها مخاطر مستقبل مجهول

كانت تحاول تمالك دموعها التي تصارعها بكل قوتها تحاول ان لاتنهار أمام أحد ان تبقا قويه كما عهدوها ولكن مالقوه في اخفاء خيبات أمل أيام و سنين... هوت اقدامها بجانب تلك الجثث الهامدة قادتها اقدامها دون وعي لأين تقعد امها كما كانت تظن..... 

عانقت قبرها ولامست بوجهها البريء التراب البارد لم تسعها حتى نهاية العالم.. هناك.. انهارت بالبكاء وصوتها يعلو لمااذاا مااذا فعلت لكم اكنتم تكذبون وتنظرون في عيني اتستصعبون حضني وقول ابنتي الم تقولي انك احببتني الم تحدثيني مرارا عن فترة حملك الم تعانقيني دائما في حضنك الدافئ وتقولين لي اني اغلى ماتملكين لقد ناديتك امي اتعرفين هذا لمااذاا اين اذهب الان اين اختبئ من البرد واين اهرب من هذه الحياة الحارقه ياأماه لقد كنتي دائما تضعيني تحت اجنحة حبك والان هل أدفن بجانبك إرجعي وبرري لي اخبريني عن كذبتكم التي دمرت حياتي

اختلطت دموعها بالمطر الذي انهمر على اطرافها ترتعش من البرد تعانق ذاك القبر وحيدة في ظلام الليل اتبالي الان بظلامه او بظلام الحياة 

********************

نهضت تتمالك نفسها بصعوبة أحست برعب شديد كان البدر فوقها والقبور حولها ارتعبت ولم تعرف ماتفعل استنجدت بالله والقران الكريم وسارعت الخطى داعية الله الذي لم يبقا لها سواه خرجت من المقبرة وعبرت الشوارع تحت تطفلات ابناء الشارع ترتعش بردا وخوفا بثياب مبللة وصلت مكانا اخر مافكرت فيه هو انت تكون هناك جلست حذو بابه تعبت من التفكير بمصيرها سلمت امرها لله وحده وغطت في نوم عميق.......

 

في الصباح

 

تململت فوق العتبة امام الباب ظنت انه دفء سريرها فتحت عينيها تتذكر ماحصل وماإن عادت وعيها حتى انهارت باكية

احست بيد تربت على كتفها وتقول بحنية امها

-بنيتي..ماحالك ايتها الصغيرة واي ريح رمت بك هنا

لم تستطع الشرح بل عانقتها فجاة وكأنما اطمئنت لوجودها وحكت مابداخلها لتلك العاملة بالميتم فاخذتها للمديرة وبعد رجاء شديد وعصيب تمت اجراءت حياتها الجديدة حياة مبهمة في عالم جديد تواجه معاركها وحروبها وحيدة عليها ان تكون قوية اذا فما الحياة تنتهي على احد ولا من اجل احد فكل ماحدث وراءه حكمة اكيدة وخير بعيدا كان او قريبا كان أمانها سلاحها ضد المجهول الغامض مهما يحصل فهي ستعيش حتى وان بكت وغضبت فالحياة تستمر لايقتلها حزن و دموع فعلى الاقل لتكمل بقية عمرها تبحث عن سعادة كما كانت تواسي نفسها لعلها تجدها ولعل القدر يخبئ الاجمل فعلى الاقل في الميتم تستشعر كرامة الانسان بدل بطش وتعذيب زوجة ابيها تلك.....

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author

أنقل من خلال كتاباتي كمراهقة عدة قضايا في شكل مقالات وروايات موجهة لمتصفحي الانترنت عامة والمراهقين والفتيات خاصة