شاع في الآونة الأخيرة أن الحجاب ليس فرضا على المرأة المسلمة وإنما هو فضيلة ، وقبل التطرق للأدلة التي تدل على فرضية الحجاب لابد أن نعرف معنى الحجاب في اللغة العربية ، إذ تعد معرفة اللغة العربية من أهم الأدوات لفهم القرآن الكريم وتفسيره، فالقرآن نزل باللسان العربي، فلا شك أنه لا يصح فهمه وتفسيره إلا عن طريق ذات اللسان.
معنى الحجاب :
في اللغة هو الستر والحجب والمنع، والجذر هو حَجَبَ. ويسمى (الحارس أو البواب) بـ (الحاجب) لأنه يحمي المكان الذي يحرسه ويمنع الوصول إليه، ويطلق أيضا على حاجب العين لأَنه يَحْجُب عن العين شُعاع الشمس. وقد وردت كلمة (حجاب ) في القرآن الكريم في عدة مواضع كانت تأتي بمعنى الحائل الحاجز المانع عن تلاقي شيئين أو أثرهما
في العصر الحالي يستخدم مصطلح (الحجاب) للدلالة على غطاء الرأس فقط بينما هو في الاصطلاح يعني اللباس الساتر لجميع البدن. ويسمى الجلباب أيضا بـ :الـمُلاءة، والـمِلْحَفة، والرداء، والدثار، والكساء وهو المسمى: العباءة، التي تلبسها نساء الجزيرة العربية.
أدلة فرضية الحجاب:
الآية 53 من سورة الأحزاب :
وتسمى (آية الحجاب) لأنها أول آية نزلت بشأن فرض الحجاب على أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين وكان نزولها في سنة خمس من الهجرة :
1-﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾[17]
وسبب نزولها ما ثبت من حديث أنس في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله ! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. ولما نزلت حجب النبي نساءه عن الرجال الأجانب، وحجب المسلمون نساءهم عن الرجال.
2-عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها. رواه البخاري ( 146 ).
شروط الحجاب الشرعي:
تدعي كثيرا من النساء أنهن متحجبات لكنهن في الواقع متبرجات لا يؤجرن على حجابهن لأنهن لم يحققن شروط الحجاب الشرعي ، فللحجاب الشرعي الذي فرضه الله على نساء المسلمين شروط لابد من تحققها وهي:
-
أن يكون ساترا للعورة ، وعورة المرأة هي جسدها كاملا عدا الوجه والكفين على القول الراجح ، وقال بعض الفقهاء أن عورة المرأة جسدها كاملا مع الوجه والكفين .
-
أن يكون الحجاب سميكا غير شفاف فلا يصف ما تحته.
-
أن يكون فضفافا غير ملتصق بالجسم فيصفه .
-
أن لا يشبه ملابس الرجال فقد لعن الله المرأة المتشبهة بالرجال والرجل المتشبه بالنساء.
-
أن لا يكون الحجاب زينة بنفسه ولافتا للأنظار أو لباس شهرة.
ما هو العمر المناسب للبس الحجاب؟
يرى الفقهاء استنادا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية أنه يجب على كل امرأة مسلمة بلغت سن التكليف ( وهو السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء) أن تلبس الحجاب الشرعي أمام الرجال الأجانب (وهم الرجال غير المحارم) حتى وإن بلغت في سن مبكرة.
عمن تلبس المرأة الحجاب ؟
تلبس المرأة الحجاب عن كل رجل عدا المحارم وهم المذكورين في الآية 31 من سورة النور :﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
فوائد الحجاب الشرعي:
-
الحجاب طاعة لله وطاعة للرسول تؤجر إذا لبسته المسلمة وتؤثم إن خلعته.
-
الحجاب عفة : حيث جعل الله التزام الحجاب عنوان العفة ومع أن الإسلام أجاز للقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا أن يخففن من الثياب إلى أنه تابع ذلك بقوله تعالى في سورة النور ( وأن يستعففن خير لهن).
-
الحجاب طهارة : قال سبحانه : ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات، لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب .
-
الحجاب ستر : كما في الحديث «إن الله تعالى حيِيٌّ سِتِّيرٌ ، يحب الحياء والستر» - صحيح سنن أبي داوود للألباني.
-
الحجاب تقوى : ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾.
-
الحجاب من الإيمان : لأن الله لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات، ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ﴾ . ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عليهن ثياب رِقاق، قالت: «إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتن غير مؤمناتٍ فتمتعن به»
-
الحجاب حياء : لقول النبي : «إن لكل دين خُلُقًا ، وخُلُقُ الإسلام الحياء» .
أما التبرج فقد ذمه الله ورسوله وقد نهى عنه الإسلام لأنه معصية لله ورسولهِ يجلب اللعن والطرد من رحمة الله وهو من صفات أهل النار : يقول النبي : «صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن مثل أسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها»
جزاكم الله خيرا .. احسنت النشر
You must be logged in to post a comment.