الخط لغة
جاء في بعض المعاجم العربية، مثل المعجم الوسيط، ومعجم اللغة العربية المعاصر، ومعجم الرائد، ومعجم الغني الزاهر، خط، يخط، خطاً، خط الكتاب: كتبه، خط بالقلم: رسم اللفظ بالحروف الهجائية، خط على الشيء: رسم عليه خطاً، أو علامة، والجمع خطوط.
الخط اصطلاحاً
الخط Calligraphy هو فن يعنى بتجويد الكتابة، وتحسين الخطوط، وتصوير اللفظ بحروف هجائه، وقد عرف الخط عند العرب، بعدة أسماء، منها الخط الحيري، والخط الأنباري، وبعد ظهور الإسلام، وانتشاره خارج الحجاز، عرف الخط بأسماء أخرى، منها الخط الكوفي، والخط البصري، يقول محمد بن إسحاق، المعروف بـ(النديم): "فأول الخطوط العربية، الخط المكي، وبعده الخط المدني، ثم البصري، ثم الكوفي، فأما المكي والمدني، ففي ألفاته تعويج، إلى يمنة اليد، وأعلى الأصابع، وفي شكله انضجاع يسير".
الدؤلي
كان الخط المبكر، خالياً من الشكل والنقط، إلى أن قام أبو الأسود الدؤلي، بوضع طريقة لإصلاح الألسنة، فوضع نقطة، فوق الحرف، للدلالة على الفتحة، ونقطة تحت الحرف، للدلالة على الكسرة، ونقطة عن شمال الحرف، للدلالة على الضمة، ونقطتين فوق الحرف، أو تحته، أو عن شماله، للدلالة على التنوين، واشتهرت هذه الطريقة، في كتابة المصاحف الشريفة، حرصاً على إعراب القرآن الكريم، وعرفت هذه المرحلة باسم (الإصلاح الأول).
الليثي والعدواني
أمر والي العراق، الحجاج بن يوسف الثقفي، بأن يضع الوراقون علامات، من أجل تمييز الحروف المتشابهة، خصوصاً بعد انتشار التصحيف، بسبب دخول الأعاجم في الإسلام، فتولى نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني، هذه المهمة الجليلة، في الكتابة العربية، ولما كان هذا الإصلاح، يستدعي اشتباه نقط الشكل، بنقط الإعجام، فقد قرر نصر ويحيى، أن يتم تمييز نقط الشكل بالمداد الأحمر، أما نقط الإعجام، فيكون بنفس مداد الكتابة، وعرفت هذه المرحلة باسم (الإصلاح الثاني).
الفراهيدي
جاء بعد نصر ويحيى، عالم اللغة الشهير، الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي جعل الشكل، بنفس مداد الحروف، وهي نفس العلامات، التي ما زالنا، نستعملها إلى يومنا هذا، وعرفت هذه المرحلة باسم (الإصلاح الثالث).
ابن عبد الله وابن مقلة
بلغ الخط المحقق غاية في الحسن والجمال، على أيدي بعض الوراقين والخطاطين المبدعين، وقد تحول الخط، من الشكل الكوفي، إلى الشكل الذي هو عليه الآن، على يد إبراهيم بن عبد الله، المعروف بـ(الأحول المحرر)، أو (الأحول التبريزي)، وهو من أشهر الخطاطين في العصر العباسي، على عهد البرامكة، ثم جاء بعده، الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسن بن مقلة، الذي انتهت إليه، وإلى أخيه أبي عبد الله، جودة الخط وتحريره، ويعتبر ابن مقلة، أول من هندس الحروف العربية، وقدر أبعادها، ومقاييسها بالنقط، وضبطها ضبطاً محكماً، واستخلص الأقلام الستة، وهي: (الثلث، والنسخ، والريحان، والمحقق، والتوقيع، والرقاع)، وأطلق على الخط، المنضبط بالنقط، اسم (الخط المنسوب)، واعتمد ابن مقلة في طريقته الفنية هذه، على إكساب كل حرف، من حروف الهجاء، نسبة محددة، إلى حرف الألف، مما أدى إلى ابتكار تنظيم، إبداعي قياسي دقيق، للحروف الهجائية.
ابن شاذان وابن البواب
عند اقتراب منتصف القرن الرابع الهجري (القرن العاشر الميلادي)، ظهر طراز فني جديد، من الكتابة العربية، حيث تم رسم بعض حروفه، بخطوط مائلة مميزة، والبعض الآخر برؤوس مثلثة الشكل، اشتهر هذا الطراز، باسم (شبيه الكوفي) أو (الكوفي المائل)، أو (الكوفي الفارسي الشرقي)، وقد وصلت إلينا، نماذج كثيرة، من هذا الطراز، أهمها المصحف الشريف، الذي خطه أبو الحسن علي بن القاسم بن شاذان القاضي الرازي، والجدير بالذكر أن أبا الحسن علي بن هلال بن عبد العزيز، المعروف، بـ(ابن البواب)، قد أضفى على الخط عنصراً فنياً، كان يفتقده الخط المنسوب، الذي ابتكره ابن مقلة.
المستعصمي
اشتهر أبو المجد، جمال الدين ياقوت بن عبد الله المستعصمي، باسم (قبلة الكتاب)، وقد لعب دوراً مهماً، في تجويد الخط وتطوره، حيث أضفى عليه حسناً، جعل منه رائداً فذاً، لمن جاء بعده من الكتاب والخطاطين، وقد تميز خطه، بالرشاقة والرقة والعذوبة، فهو من شذب القلم، وكتب الكثير من المصاحف الشريفة والكتب، وتحتفظ دور الكتب العالمية، ببعض أعماله الفنية.
ابن الوحيد وابن الصائغ
ازداد التنافس في فن الخط، بعد ظهور ياقوت المستعصمي، لكن بعد سقوط الخلافة العباسية، فقدت العراق مكانتها الجمالية، وريادتها للفنون، وتدلنا الكتابات والخطوط البديعة، الموجودة على العمائر المملوكية، وفي المصاحف الشريفة الضخمة، التي وصلت إلينا، على أن مصر في عصر المماليك، قد احتلت المركز الثاني، بعد العراق مباشرة، في فن الخط، إلى نهاية القرن التاسع الهجري (القرن الخامس عشر الميلادي)، وازدهر فيها الخط الريحان، والخط المحقق بخاصة، حيث تم استخدامهما في كتابة المصاحف الشريفة، وقلد الخطاطون في مصر، طريقة ابن البواب، وطريقة ياقوت المستعصمي، حتى ظهور المدرسة العثمانية في الخط، وبرز شيخ التجويد في مصر، أبو عبد الله، شرف الدين محمد بن شريف الذرعي الدمشقي، المعروف بـ(ابن الوحيد الكاتب)، وصار يضرب بجودة خطه المثل، فكتب للسلطان المملوكي ركن الدين بيبرس الجاشنكير، مصحفاً من سبعة أجزاء، بالخط المحقق، وهو محفوظ الآن، بمكتبة المتحف البريطاني، كما لمع زين الدين عبد الرحمن بن يوسف، المعروف بـ(ابن الصائغ)، وله نسختان من المصحف الشريف، بخط يده، محفوظتان في دار الكتب المصرية.
الأماسي والحافظ
ظهرت في تركيا العثمانية، منذ مطلع القرن التاسع الهجري (القرن الخامس عشر الميلادي)، مدرسة جديدة في فن الخط، كانت قد تأثرت في بدايتها، بمدرسة ياقوت المستعصمي، ولكن سرعان ما أصبحت لها، خصائصها ومميزاتها الفريدة، والتي مهدت الطريق، إلى العصر الذهبي لفن الخط، وذلك بفضل بروز عدد كبير من الخطاطين المبدعين، مثل حمد الله الأماسي، الذي يعتبر الرائد الأكبر للخطاطين العثمانيين، الذي أضفى جمالاً فنياً باهراً، على خطي الثلث والنسخ، فبعد أن كنا نرى الحروف عند ياقوت المستعصمي، غير متوازية، وبخاصة الحروف التي تخط، من أعلى إلى أسفل، مثل الألف، والكاف، واللام، أصبحنا نراها متوازية، عند حمد الله الأماسي، وقد شهد فن الخط، مع نهاية القرن الحادي عشر الهجري (القرن السابع عشر الميلادي)، وبداية القرن الثاني عشر الهجري (القرن الثامن عشر الميلادي)، مرحلة جديدة مع الحافظ عثمان، تميزت بتطور ونضوج الأقلام الستة.
المراجع
- المدرسة العثمانية لفن الخط العربي، إدهام محمد حنش، مكتبة الإمام البخاري، مصر، 2012.
- الموسوعة الإسلامية العامة، محمود حمدي زقزوق، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 2003.
You must be logged in to post a comment.