لعقود من الزمان، يمكن تلخيص موقف المعترضين على زيادة الأتمتة في جملة واحدة: أنهم كانوا يخشون أنه في كل مرة تدخل فيها آلة إلى سير العمل، يفقد العامل وظيفته.
وأحدثت جائحة كورونا تحولًا صغيرًا ولكنه مهم في تلك الحسابات، نظرًا لأن الاتصال البشري ينشر المرض، فإن بعض الآلات لا يُنظر إليها الآن على أنها عدو للعمال فحسب، بل باعتبارها حامية لهم أيضًا، وقد أدى ذلك إلى تسريع استخدام الروبوتات بطريقة لا يتوقعها أحد، حتى بعد التغلب على الفيروس، والنتيجة نراها فى انتشار منظفات الأرضيات الآلية في المصانع، وآلات تقطيع السلطة في المطاعم، والخادمين الميكانيكيين في الفنادق، والمعدات الإلكترونية لرصف الطرق، ولكن ما يبقى أقل وضوحًا هو المكان الذي سيعمل فيه الرجال والنساء الذين اعتادوا القيام ببعض هذه الوظائف.
كان تأثير التكنولوجيا على التوظيف موضوع قلق ودراسة لأجيال عدة مع نتائج متباينة، فالسيارات لم تلغى القطارات، والتلفزيون لم يوقف الراديو، وعندما قامت البنوك بتركيب أجهزة الصراف الآلي، فإنها وظفت عددًا أكبر من الأشخاص وليس أقل، نظرًا لتزايد تنوع خدماتهم، لكن الآلات ألغت العديد من الوظائف، وستثبت الموجة الحالية أنها ليست استثناءً، لا سيما مع الاهتمام بالصحة العامة.
أفاد المنتدى الاقتصادي العالمي في أكتوبر الماضى أن 43٪ من الشركات التي شملها الاستطلاع ستعمل على تقليص قوتها العاملة بسبب التكامل التكنولوجي، بينما تخطط 34٪ لتوسيع قوتها العاملة لنفس السبب، وبحلول عام 2025 سيكون الوقت الذي يقضيه البشر والآلات في المهام الحالية متساويًا.
وتستعد بعض الشركات لمواجهة المزيد من الأوبئة، مما يعني المزيد من الأتمتة وعدد أقل من الموظفين، فمثلا في مجال التعدين، يقول الموردون السويديون Hexagon و Epiroc إن الاهتمام بالأتمتة قد قفز فجأة، وصرح (جيم أمبلبي)، الرئيس التنفيذي لشركة كاتربيلر، أنه من المحتمل أن يتم استبدال المعدات القديمة بمزيد من الشاحنات الرقمية، وأن التقنيات المستقلة ستقلل من التقارب الوثيق بين العمال.
وتمتلك BHP Group، أكبر شركة تعدين في العالم، برنامجًا قيمته 800 مليون دولار لإضافة 500 شاحنة مستقلة في مناجم الحديد الخام والفحم في أستراليا وتدرس اعتماد شاحنات ذاتية القيادة في مناجم النحاس في تشيلي.
وتفضل قوانين الضرائب أيضًا الأتمتة، حيث تبلغ الضريبة الأمريكية على رأس المال - والتي تشمل الروبوتات والآلات - حوالي 5٪، بينما تبلغ الضريبة على العمالة حوالي 25٪، وفقًا لدراسة أجراها خبراء اقتصاديون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
ويقر الرئيس الأمريكى (جو بايدن) بالتهديدات بفقدان الوظائف نتيجة للأتمتة، ولكنه لم يذكر التمويل الإضافي أو التغييرات في قانون الضرائب، وقد قال إن إدارته ستضمن قيام أصحاب العمل بإعطاء جميع الموظفين المتأثرين إشعارًا مسبقًا بالتغييرات التكنولوجية والأتمتة في مكان العمل، ووضع موظفيهم في مقدمة الصف للحصول على وظائف جديدة، وتقديم تدريب مدفوع الأجر على المهارات.
ومع تقدم التقنيات وتطور وظائف الروبوتات يوما بعد يوم، فإن الجدل والنقاش حول هذا الموضوع لن ينتهى أبدا.
المصدر:
You must be logged in to post a comment.