كان سيدنا نوح عليه السلام يصارع انقاذ قومه المؤمنين من الطوفان ليركبوا السفينة، وكان من ضمن الكفار اللذين يحاولون النجاة بطرق أخرى ابنه الذي يقال أن اسمه "يام" حاول سيدنا نوح اقناع ابنه بأن لا نجاة إلا بركوب السفينة واقتنع ابنه وآمن برسالة والده وركب السفينة ونجا!
كذلك سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام بالرغم من إيمانه بوجود الله فضل أن يتبع والده ويتخلى عن رسالته!
وهذا ما وجدنا عليه آباءنا فعملنا بعملهم لذلك يجب على ابن النجار أن يصبح نجار وابن الطباخ طباخ وابن السارق سارق أيضًا!
لقد منَّ الله علينا منذ بداية خلقنا بالمميزات الفردية والتي تجعل لكل منا خصاله التي تميزه عن غيره، فلكلٍ منا روح وعقل وقلب وجسد مختلفين تمامًا عن الآخرين وهذا ما ينتج عنه ردود الأفعال المختلفة بيننا ومن ذلك ظهر الحق وظهر الباطل وظهر الكذب والصدق والتباين بين النور والظلام إن كل المفردات التي قد تصف البشر سلباً وإيجابًا ما هي إلا نتاج هذا الإختلاف بيننا.
ابن سيدنا نوح لم يركب السفينة وهلك مع الكافرين وذلك لأنه روح وعقل وجسد مختلفين عن والده!
سيدنا ابراهيم خالف أباه لإيمانه بعقيدة كبرى في داخله!
إن الفطرة البشرية تدعونا دائمًا إلى أن نختار من يشبهنا من أصدقاء وزواج وعمل فكيف لنا أن نريد لأبنائنا أن يخالفوا مسيرتنا وأفكارنا؟
ونعود لسؤالنا الأول:
تربية أم استنساخ؟
إن كلمة صراع تنتمي إلى غريزة البقاء بداخلنا، أجل نحن نرى في أبنائنا رمزًا يكملنا ويرث خطواتنا وعراقتنا ولأن كل ذلك عزيزٌ علينا فعلًا فإننا نفضل أن يتابع أبناءنا مسيرتنا التي لم تكن حياتنا كافية لكفايتها ومن هنا نبدأ بتحديد خطواتنا لهم ونقول: "أنا لما كنت قدك كنت..." يتبع هذه الجملة بالعادة انتقاد كبير على رغبة الابن بفعل شيءٍ ما بل تصل إلى أن نحكم عليه بالفشل قبل أن يبدأ فقط لأنه اختار طريقًا غير واضحة الخطوات بالنسبة لك!
الكارثة!
تبدأ الكارثة حقًا عندما يبدأ التخلي عن الاحتواء الأبوي من أجل تحقيق رغبة الابن، من يستطيع أن يتجاهل أن لديه أبوين في حين أنه بحاجة ماسة لدعمهم له؟ ويقع الشخص هنا بين خيارين لا ثالث لهما:
- أن يقتل شغفه ورغبته ويتبع والده مكسورًا.
- أن يتخلى عن والديه كما فعلوا هم ويكمل مسيرته وحيدًا..
وفي العادة لا يرى الآباء هذا الأمر بهذه الطريقة وإنما يتعاملون معه وكأن أبناءهم ملكٌ لهم مع يقينهم الكامل بأن على ابنه أن يفعل ما يريده والده وحسب!
انظر جيدًا هل يبدو زمانك مثل زمانه!
لا يدرك معظم الآباء حقيقة أن لكل جيل جديد زمنٌ خاصٌ به يختلف تمامًا عن الزمن الذي ترعرعوا فيه فهو ذو عثرات كبيرة وخيارات كثيرة ومشاكل عقيمة، فحتى لو عدنا إلى قصة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام وسيدنا نوح عليه السلام لوجدنا أن هذه الرغبة الأبوية مزروعة في داخلنا منذ بداية الخلق وما كانت لتنتقل لنا إلا لنتعظ بها ونفهم مغزاها بتقبل حقيقة أن ابنك الذي أنجبته وربيته وعملته وساعدته وأحببته أكثر من نفسك ليس بالضرورة أنه يحب أن يكون مثلك!
بحبك هذا بإمكانك أن تحبه وتحتويه وتدعمه لأن يكون أفضل منك، دعه يعيش حقه من الإبداع والتجربة وتقبل أنه شخص منفصل عنك لديه ما يحب وما يرغب ولديه أمنيات وأهداف مختلفة لا بد أنك ستكون فخورًا به وسيكون فخورًا بك إذا قمت بحمايته ومساعدته ليحققها.
#الصراع_بين_التربية_والاستنساخ
You must be logged in to post a comment.