في البداية نُعرفكم على صور الأبطال الرئيسيين، بأشكال أنمي:
*كرم *نور *عمر
كرم شاب خجول، في سنته الثانية من الجامعة، يُحب الموسيقى ويحلم بالانضمام لفرقة غناءٍ مشهورة، ولطالما تجادل مع والده حول الأمر، حيث إنه مولع بموسيقى الراب الصاخبة، لكنه يدرس الأدب الإنجليزي بأمرٍ وإصرارٍ من والديه ورغماً عنه، بعد رفضهما دراسة ابنهما للموسيقى أو المسرح أو الفن، رغم أنه يُغني الراب بسرعة وطلاقة وحرفيّة، ويمتلك صوتاً جميلاً يُشيد به جميع أصدقاءه وأقاربه من أقران جيله، عدا نور (ابنة عمه)، فهي دائمة السخرية منه، وتصف صوته بالصُغاب (صوت الأرنب)، وتُشبهه بصوت الأرنب الذي وقع بقفص الصياد ويصرخ في سبيل النجاة، فأصبح يتجنبها، ويُحاول عدم الغناء عندما تكون في الجوار، ولأنها تقطن في بيتٍ مُجاور لهم وتقضي مُعظم وقتها مع شقيقته حلا، فهو يُمضي يومه في ورشة والد صديقه عمر، والذي بدوره أحد المُجتهدين ومن الأوائل على الدفعة، إذ يُحب الدراسة ويُكرس وقته لها، ولا يمتلك شغف كرم وعشقه الشديد للموسيقى والغناء، لكنه يُحب الاستماع له، وحتى والده يَمدح ويُشيد بصوته، ولا يُمانع ببقائه بالجوار، ويوماً بعد يوم زاد تعلق كرم بالموسيقى، وأصبحت السماعات رفيقه الدائم في الليل وفي النهار، يشدو ويرقص مع الإيقاع، يخطو بشكل عفوي، لا يكترث لموقعه ولمن حوله، كل ما يُهمه إحساسه العميق بالألحان، وانسجام حواسه مع الكلمات، وتناغمه مع الموسيقى الصاخبة التي تموج وتنحدر في أذنيه، مما سبب الانزعاج لوالديه، ودفعهما للخوف على مُستقبله، وفي أحد الأيام، بعد عودة كرم من الجامعة وجد والده قد أخذ الجيتار الخاص به صباحاً بينما كان في الخارج:
-كرم: أين هو، أعيدوه، هذا ليس من حقكم، لمتى سأبقى طفلاً لا أملك رأياً ولا كلمة؟ هل أنا في العاشرة من عمري؟ هل تشاجرت مع أحدهم أو ألحقت الأذى بغيري، هل أُزعجكم بمشاكلي كما يفعل الشباب في الخارج!
-أم كرم: بني، أرجوك توقف عن مُجادلة والدك وإغضابه فقط من أجل الغناء، إنه والد...
-كرم يُقاطعها: دعوني وشأني ما المشكلة في الغناء، هل يجب أن أكون الابن الصالح الذي يدرس ما يُمليه عليه والديه، وصمت دائماً، ويجتهد لإرضائهما ! فيدوس على حلمه وعلى كرامته ورأيه ورغباته!
-أم كرم: بني...
-كرم يُقاطعها: هل سأبقى أسيراً للمُجتمع والعادات السخيفة التي انقرضت ولكنها راسخة في هذا البيت اللعين! دعوني وشأني، أكره هذا البيت..
فجأةً تدخل حلا ونور على صوت الصراخ وتحطيم الزجاج..
-نور بصدمة: كرم، أيها الأحمق، ماذا تفعل، هل الموسيقى أهم من والديك، هل تظن بانك لازلت طفلاً باكيّاً يُحاول أهلك إسكاتك، كل ما تُدافع عنه هو مجرد أنغام لا قيمة لها..
فجأةً يقترب كرم منها ويُمسك فكها بقوّة، وهي تنظر بعينيه وتجحره بعينيها ذات اللون الزيتي واللتان تُشبهان عيون القطط، ليشعر بأنه ضعيف، ويُشيح نظره عنها بينما تدفع صدره بقوه، وتصرخ..
-نور: أيها المعتوه، عديم الذوق، يبدو أن الموسيقى أنستك أخلاقك وأدبك، هل تعتقد أن صوتك جميل، أو أن مظهرك يصلح للغناء أو الظهور على المسرح، سأخبر عمي عنك، وعن تصرفاتك السيئة، بل سأخبر إخوتي ليلقنوك درساً ويُعيدوك لصوابك، أحمق.
ينظر كرم لها بقلة حيلة وهو سارح ومُشتت الذهن، يستذكر ما تقوله في عقله، هل أنا بشع حقاً، وهل صوتي نشاذ؟ لماذا تقول لي هذا الكلام، هل تكرهني إلى هذا الحد؟ ويخرج بسرعة إلى ورشة صديقه عمر مُتجاهلاً نداءات والدته، وتمتمات نور القاسية...
-والدة كرم: يا بني، عد إلى رُشدك، إبنة عمك لا تقصد..
-نور: توقفي يا عمة، أقصد كل حرف قلته، دعيه يخرج، سيُعيده عمي وأبي رغماً عنه.
بينما يسير كرم في الشارع غاضباً، يُحاول أن يُخفي ملامح الانزعاج الشديدة مع اقترابه من ورشة عمر، ويستبدلها بابتسامة كاذبة، لكن على من؟! فعمر صديقه منذ الصغر، ويعلم ما يُخفيه وراء تلك الابتسامة، وعلى علم بخلافاته مع والديه بسبب الموسيقى..
-عمر: أهلاً أهلاً، مُطرب الحي، أمتعنا بصوتك العذب..
لم يُكمل كلامه وإذا بكرم يُسكته ويرمي عليه حفنة من النجارة..
-عمر: أيها المجنون، كنت أمزح، أدري بانك غاضب وأحاول أن أخفف عنك، لقد امتلأ شعري بالنجارة، تباً لك ستوبخني أمي.
-كرم: لاتزال طفلاً توبخك أمك كلما اتسخت ثيابك، كيف هذا وأنت تجلس في ورشة للنجارة، ومن الطبيعي أن تتسخ.
-عمر: يا ذكي أنا أجلس بعيداً حتى أدرس، ولا يسمح لي والدي أن أعبث بالمعدات وبالأثاث، أو أن أساعده، فكيف سأتسخ لولا وجود فتىً مُزعج مثلك إلى جانبي.
يُحاول كرم أن يضحك ضحكات كاذبة، ويكتم الدموع والقهر الذي بصدره، فهو يشعر بأنه من كوكب آخر، لا أحد يفهمه، ولا يُدركون رغبته وسبب حبه للموسيقى وكيف أنه شعور داخليّ يعجز عن دفعه ومقاومته، ولا يزال يُدافع عنه ويتمسك به رغم مُعارضة أهله وأقاربه لكن دون فائدة ..
-كرم: عمر، هل أستطيع النوم في الورشة اليوم، أرغب بالبقاء وحيداً، ولا أريد العودة للمنزل.
-عمر: حسناً لكن لا أظن أن أبي سيقبل بذلك...
-كرم يُقاطعه: يُمكنني أن أتسلل بعد إنهاءه العمل بينما تُعطيني أنت المفتاح الذي معك.
-عمر: حسناً لكن كن حذراً، فلا أريد أن يوبخني والدي أو يغضب مني.
-كرم: أكيد، لن أفعل أي شي يُؤذيك أعدك بذلك.
وقبل آذان المغرب بقليل يتظاهر كرم بالعودة لمنزله ويُسلم على عمر ووالده، ويخرج من الورشة ويقف خلفها ويُراقب من بعيد وقد أخذ المفتاح الاحتياطي من عمر، بينما يستعد والد عمر للخروج ويُقفل الباب المعدني بالمفتاح جيّداً ويُغادر إلى منزله، وهنا ينتظر كرم قليلاً ثم يُعاود فتح الباب والدخول ثم إغلاقه مُجدداً.
يجلس كرم على سرير والد عمر الذي اعتاد أن يرتاح فيه وقت الظهيرة، ويُصارع ذاكرته كي لاتعود وتستذكر ما حصل، فهو لا يكترث لمشاجرة والديه، وإنما يكترث لها، نعم هي، تلك الشريرة الصغيرة التي اعتادت أن تسخر منه منذ أن كانا صغيرين، وفي كل مرة يعجز عن أذيتها والرد عليها، رغم أنها قصيرة وخرقاء لكنها لطيفة وجذابة بطريقة غير معقولة تُربكه دائماً، فكلما أراد أن يرد، يستنكر لسانه ويخفق قلبه، لم يُدرك بعد أنها مشاعر الحب، يطردها من باله مُجدداً فتعود إليه وتهزمه، يُحاول أن يُغير جلسته مراراً وتكرارً دون جدوى، وأثناء مُراوغته يستغرق في النوم...
-صوت ناعم يهمس بأذنه: من أنت، ماذا تفعل في بيتي.
يستيقظ كرم مفجوعاً ليجد نفسه في قصر قديم، كل شيءٍ فيه باللون الأزرق، الجدران ضخمة، والسقف مُرتفع، والنور خافت، وكل شيءٍ بارد، يشعر ببرودة أطرافه وبصغر حجمه في المكان.
-يهمس كرم بصوتٍ غير مسموع: أين أنا؟
-تُجيب الفتاة التي تقف خلفه: أنت في بيتي، كيف جئت إلى هنا، ومن تكون؟
يلتفت كرم إلى مصدر الصوت بسرعة، ليصدمه شكل الفتاة... تُشبه قطعة سكاكر، لم يرى فتاة رقيقة ذات مظهر طفولي مثلها، بشرتها ناصعة البياض، عيناها تُشبه الؤلؤ، شعرها الوردي، وجنتيها الناعمتين، تُشبه الملاك!فمن تكون؟!
انتهى الجزء الأول.. إن أعجبك يُرجى التكرم ووضع تعليق لطيف ^_*
You must be logged in to post a comment.