لا أكون مبالغا أبدا إذا قلت أن أهم قواعد إدارة الحياة وفهم محيطها أن تعفي نفسك من التدبير كله في اللامبالة التامة ... اللامبالاة معنى يرتفع في باب الفهم العام والتعقل العام عن الله حتى يكون باب من الرضوخ لحكمة القضاء والقدر ومعرفة أنك مهما فلعت فإن همتك لن تخرق سور القدر وأن طموحك لن يجاوز أمر الله النافذ فيك، ذلك مما يدفع العبد أن لا يبالي بالحاصل وكأنه لا يعرف الخير والشر أيهما هو ذلك على الحقيقة فالأمور مسخرة في علم الغيب فوق الشيء الذي نراه .. فهذا المعنى يؤدي له أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود ...
ما سبق كله في أدب النفس والوجدان وحصيلة فكر الذات ولكن في بال العلاقات فلن تنعم بشيء مثل فن التغافل واللامبالاة الحقيقية في أخطاء من حولك وحتى فضول بحثك عن تقدير إن طبيعة الناس دوما المستقرة أن يحنو للأموات ويشتاقوا للغائب ويحتقروا الحي، إن المنهج القائم في فكرهم وسلوكهم يقوم على أنانية مفرطة وان يروا ذاتهم مكبرة آلاف المرات وهذ مما يجعلك إن انتظرت منهم التقدير أو الحفاوة أو الاعتذار عن خطأ إنما تطلب سرابا ....
ثم ما كل الناس واحد ولا كل السبيل للناس في الفهم واحد وكم في مشاكل علاقات الناس من مقصود لم يفهم أو مفهوم لم يقصد وكم من الناس ممن لا يقدر ولا يزن الكلام نعم البحث عن شخصك يفهمك لا يمكن فإن كان فهب أنه فهمك فهل هو ممن يقدر كلامه ثم اجعله ممن يفهم كلامك ويقدر كلامه هل يراعيك؟ هل هو ذو جس ليكون ملتفتا لك؟
الخلاص من كلام الناس حيلة صعبة بعيدة المنال لم يضمنها خالق الخلق لذاته العلية لتفرح وتبتهج بها أنت وقد روي في الإسرائيليات أن موسى-عليه السلام- كلم ربه فقال له: يا رب اضمن لي أن لا يتكلم في أحد من الخلق!! فقال له-جل ذكره-: يا موسى ذلك أمر لم أضمنه أنا لنفسي ...
فإذا كان هذا حال الخلق وأنت لا تعمل لترضي أحد بل عليك أن تحقق ذاتك لأجل ذاتك لا أكثر ولا أقل فلا داعي للقلق فنحن لم نخلق للفت الإنتباه ...
هل معنى كلامي اللامبالاة ترك الحياة كما هي إلى العشوائية؟ كلا، بل إني أحفز نفسي للعمل وإثبات الذات لكن دون إعمال الذهن في غيبيات القدر أو الحياة أو أن تكون هناك لدي ظنون حب التقدير عند الناس، هي محاولة من تفريغ النفس مما لا يهم ولا يفيد إلى الشيء الهام والمفيد والذي هو أمر جوهري في صولات الحياة وميادينها لا غير
You must be logged in to post a comment.