المُرونة العاطِفيّة
"أنا لَستُ جَيداً بِما فيه الكِفَاية!"، "لَوْ كُنتُ شَريكاً أفْضَل!"، "لَن أتمكّن مِن التَعاملِ مع هذا العَرض التّقدييمي!"، "سأفشل!"، هَل يَبدو أيّ مِن هذه الأفكارِ مَألوفاً؟
لِسوءِ الحظّ، يَبدو صَوتُنا الداخليّ غَالباً كَمدَّربٍ مُهمَتُه الوَحيدة هي إصدار أحكامٍ قَاسيةٍ، وخَلق دَوّامَة مِن المشاعِر السلبيّة، الطريقة التي نَتصفح بِها عَالمنا الداخليّ -أفكارُنا اليَوميّة، عَواطفُنا، وقِصصُنا الذاتيّة - هي أهَمّ عَامل مُحَدّدٍ لِنجاحِ حَياتِنا؛ إنّها تَقودُ أعمالنا، وظائفنا، علاقاتُنا، سَعادتُنا، صِحتُنا وكُلّ شيء. على سبيلِ المِثال: هل نَدَعْ شُكوكنا أو اخفاقَاتنا أو خَجلنا أو خَوفنا أو غَضبنا أن يُعيقُنا؟ هل يُمكن أنْ نَكون مُصمّمين، ومُثابرين نَحو أهداف الحَياة الرئيسة، ولكن بِنفس القَدرِ مِن الأهميّة لدينا البَصيرة والشَجّاعَة للاعترافِ عِندما لا تَخدمنا هذه الأهدَاف ونَتكيّف مَعها؟
تُعَّدُ المُرونَة العَاطِفيّة، المَكتوبَة بالقسوةِ والتّعاطف، بِمثابةِ خَارِطَةِ طَريقٍ للتغييرِ السلوكيّ الحَقيقيّ؛ طَريقةٌ جَديدةٌ للعملِ مِن شَأنِها أنْ تُساعدك على إعادةِ دَمجِ مَشاعرك الأكثَرُ إثارة للقَلقِ كمصدرٍ للطاقةِ والإبدَاع، وتَعيشُ الحَياة التي تُريدُها .
المُرونَةُ العَاطفيّة؛ هي العَمليَّة التي تُمكننا مِن التنَقل في انحِرافاتِ الحَياة والانعِطافِ لقُبولِ الذّات ببصيرةٍ واضحةٍ وعقلٍ مَفتوح، لا تتعَلق العَمليّة بتَجاهِلِ المَشاعِر والأفكَارِ الصَعبَة، يَتعلقُ الأمرُ في التَمسّك بِتلك المَشاعرِ والأفكارِ بحريةٍ تَامّةٍ، ومُواجهَتُها بِشجّاعَةٍ ورَأفَة، ثُمّ تَجاوزها لإشعالِ التَغييرِ في حَياتِك.
يَجبُ أن تَعرِف بأنّ كَونُك مُرتاحاً عَاطفياً يعني التّعامُل مع مَشاعِرِك عند ظُهورها وتَقبلها وعدم الهرب منها؛ لأنّها أساسُ تكوين ذاتك وعَقلك وطريقة تفكيرك، وهي قُدرة مِن المُؤكدِ أنْ تُفيدَ عِلاقاتك وعَملك؛ نَاهيك عن عِلاقتك مع نَفسِك، وسَوف تُساعِدك المُرونة العاطفيّة على أنْ تَعيشَ حَياتك الأكثرُ نَجاحاً أيّاً كُنت وأيّاً كان ما تُواجِهه.
دُروسُ المُرونَة العاطفيّة واضحةٌ ويُمكِنُ تَطبيقَها على عَلاقاتِ العَملِ والحَياةِ بشكلٍ عَام. يجبُ أنْ تَنأى بِنفسك عن الأنماطِ السلبيّة في حَياتِك، والخُروج مِن مَنطقةِ راحتِك وإيجادِ حُلولٍ مُبتكرة. يُمكن أن تكون المُرونَةَ العَاطفيّةَ مَورداً رائعاً لَنا؛ لأنّ على جَميعِ البَشرِ التّعامُل مع التّحدياتِ والتَغيير.
لا تَنسى بأنَّ الأشخَاصَ الذين يَتمتعونَ بالمُرونَةِ العَاطفيّةِ يَتسمونَ بالفاعِليّةِ والحَيويّة، ويُمكنُهم التَكيّف مع عَالَمِنا المُعقّدِ وسَريعِ التّقَلُب، وهم قَادرون على تَحمّلِ مُستوياتٍ هَائلةٍ مِن الضَغطِ ومُقاومةِ الإخفاقات، ويَظّلوا مُتحفزين ومُنفتحين ومِتقبلين.
هم يَفهمون أنَّ الحَياةَ لَيست سَهلةً دائِماً لكنّهم يَستمرون بالتصّرفِ وِفقاً لقيَمِهم الأكثَر تَقديراً لديهم، ويَسعون وَراءَ أهدافَهم الكُبرى وطَويلةَ المَدى، وبالطّبع فَهُم لا يَزالون يَمرّونَ بمشاعرِ الغَضبِ والحُزنِ… إلخ؛ فَمَن مِنّا لا يَمُّرُ بِهذه المَشاعِر؟، لكنهم يُواجهونَها بفضولٍ وتَقَبُّلٍ وتَعاطُفٍ مَع الذّات. وبدلاً مِن السّماحِ لهذه المشَاعِر بتَدميرِهم، فإنَّ الأشخاصَ ذَوي المُرونَةَ العَاطفيّة يُوجّهون أنفُسَهم – بِكُّلِ عُيوبِهِم – نَحو طُموحاتِهم الأكثَرَ رُقِيّاً.
You must be logged in to post a comment.