مازالت المرأة تواجه حرمانا كبيرا من حقوقها وتقييدا لدورها على الصعيد العالمي عموما وعلى الصعيد العربي خصوصا سواء أكان ذلك تعليما أم وظيفيا أم اجتماعيا أم سياسيا أم غيرها.. وبرغم كل تلك الحركات التي ظهرت مؤخرا ودعت بقوة لرد اعتبار المرأة ومساواتها بالرجل إلا أنها لم تكن كافية لتحقيق المساواة الفعلية وردم الفجوة الحاصلة بين الجنسين، كما أنه مازال هناك فئة لا يستهان بها من النساء اللواتي يتعرضن للعنف والأذى والتسلط تحت مسمى الأب أو الأخ أو الزوج عدا عن أن تعنيف المرأة يعتبر أمرا عاديا لا يستدعي الحاجة لتدخل القانون عند العائلات والعشائر ولكن هل تبعات هذا الأمر "العادي" عادية أيضا؟ إن العنف ضد المرأة بكل أشكاله سواء أكان لفظيا أو جسديا أو نفسيا من شأنه أن يُخلف آثار أثيمة شديدة التأثير على الصحة الجسدية والنفسية في حال كان ظرفياً أو بشكل متكرر وهذا بدوره لن يؤدي إلى سوائها من ناحية نفسية وبالتالي عدم سواء أي من أبناءئها صلاحا ولا تربية.
ليست القوانين بالدرجة الأولى بل الأعراف المجتمعية هي التي أسست لتوهين الاعتراف بحقوق المرأة وتوهين قوتها على مختلف المستويات فالعادات والتقاليد من أكبر مظاهر التمييز ضد المرأة فهي التي جعلت من الأسرة أداة قمع وإحباط وتقييد وتمييز في كثير من الحالات لذا لابد من التوعية والتصدي لهذا الموروث وذلك بعمل البرامج والندوات والمحاضرات التوعوية الفعالة والدولة ملزمة بنشر التوعية في جميع مرافقها وتوعية الطالبات من صغر السن بحقوقهن المكفولة في المدارس لحفظ سلامتهن الجسدية والنفسية حفظ أرواحهن أيضا.
كتب ريتشارد بوسنر : ( لقد تم اعتبار الاغتصاب تقليدياً على أنه إهانة للأب أو الزوج وذلك بسبب حرمانه من ميزة عفة زوجته أو عذرية ابنته) فقد تم اعتبار الاغتصاب أذى موجه للأب والعائلة بالدرجة الأولى عوضا عن النظر في حق المرأة الذي سلب وبالتالي لطالما واجهت ضحايا الاغتصاب العنف الأسري مبتدئا من الضرب الشنيع حتى القتل فتتعجب أحيانا كيف لبشري أن يفكر بهذه الطريقة ومن أين يستقي منطقه؟! وكإنسان متكامل ألا يشعر بغرابة تحميله النتيجة للضحية؟ أم أنه لا يعتبر الضحية من حزمة البشر أصلا فليس لها أدنى حق أو شعور؟ وبمناسبة الأمر لازال هناك الكثير ممن يعتنق هذا الفكر إلى الآن كما أن التمييز واسع النطاق، ومنه عدم تكافؤ الأجور وقوانين العمل التقييدية مقرونة بانعدام الحماية الاجتماعية المتصلة بالبطالة والمعاشات والأمومة والمرض وهذا من شأنه أن يعيق أيضاً تحقيق المساواة بين الجنسين.
دائما ما تسعى منظمة اليونسكو العالمية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتعتبره أحد أهم أولوياتها ومن جهة أخرى فهو يعتبر أحد أهداف الأمم المتحدة أيضا فهي تسعى جاهدة لإيجاد التكافؤ بين الجنسين لأن هذا من شأنه أن يعزز المجتمع ككل، وقد تم اعتبار المساواة بين الجنسين الهدف الخامس من بين سبعة عشرة هدف للأمم المتحدة كما ويتم إنتاج تقارير بشكل سنوي لمعرفة نسبة المساواة بين الجنسين واختلافها مع مرور الوقت ولكن وللأسف أنه ليس كل ما يتعلق بهذه الأمور ظاهر وليس كله معرض للظهور حتى إن مواجهة التخلف الفكري يقع على عاتق ارتفاع مستوى الوعي والتنبه بالمخاطر الغزيرة التي تنتظر المجمع مستقبلا إن استمر على هذه الحال ومن ثم يكون واجب القوانين أن تضع عقوبات صارمة لكل من يقدم على هضم حق أنثى واستضعافها بدعوى التمييز بسبب الجنس فقط، يجب أن تكون عقوبات هؤلاء رادعة لغيرهم فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
You must be logged in to post a comment.