رواية التوأم والرصاصة الحائرة - ج٢

-مافيا وعصابات تكسب من وجود المرضى، لأننا نصنع عقاقير تشفى المرضى، فبحثي عن دواء يعالج مدمن الممنوعات من المنزل بدون أعراض تشنجات، وبهذا ستغلق أغلب المصَّحات، كما أن العلاج من تلك الممنوعات أصبح سهلا، وهو مُطَور من جزء من بحث أمي، الذى كان يعمل على علاج جزء خاص بالمخ مرتبط بالأعصاب.

-أنا لا أفهم أي شيء، ولكن دعينا من هذا، أين ذاك الرجل الذى تزوجته أمي؟ 

-ربما منعته أمي من المجيء منتظرة اللحظة التي تخبرك بها.

وفى تلك اللحظة دخلت داليا غرفة ابنتها وقالت: هل ستبقون بمفردكم طوال اليوم؟ أليس لي نصيب بجلوسي بجواركم ومحادثتكم؟

-ضحكت قمر وقالت: إذن تحدثي مع زوجك.

-من أخبرك؟!  لماذا يا شمس؟

-ردت قمر قائلة: أمي إنها حياتك، عيشيها كما تريدين، إن ذلك الأمر بسيط.

فرحت الأم لتفهم ابنتها بذاك الموضوع، وقالت شمس: وبالمناسبة أنا وهيثم ابن شوقي خطبتنا بعد ذلك الاحتفال.

-قالت قمر: يا لتلك المفاجآت وأنا مخطوبة إلى زميل دراستي في الخارج، يدعى آدم، أمه أجنبية لكن والده مصري.

-فقالت شمس: وأين خاتم الخطبة؟

-فقالت قمر: لحظة، يبدو أنى نسيت ارتداءه قبل سفري.

 

وفى المساء جاء الطبيب شوقي وكان شوقي في الخمسين من عمره، بشرته خمرية، وشعره يملأه الشيب، عيونه بنية، طويل القامة، ومعه ابنه هيثم وكان شابا وسيما، عيونه عسلية، وشعره مائلا للاصفرار، بشرته خمرية، طويل القامة، له شارب وذقن قصير؛ وتعرفوا على قمر، وقال هيثم: كم أن أختك تشبهك، ولكن على هيئة الطراز الغربي حقا، تلك الملابس والعدسات وتسريحة الشعر.

وبعد تناول العشاء أخبرت شمس الجميع أنها ستحضر ذلك الاحتفال، وستعلن عن بحثها، ولن تنتظر المؤتمر بالشهر القادم، وأن هذا سراً لا يعلمه إلا أنتم ومدير المعمل صلاح، وستكون تلك الضربة القاضية.

 

جاء يوم الاحتفال وكانت شمس وقمر يرتديان نفس الملابس، ولهم نفس تسريحة الشعر، ونفس صبغة الشعر البنية لكليهما، وحققت شمس رغبة قمر بعد أن علمت أن هناك دبوسا شرفيا مخصوصا لها ولكل العلماء في الاحتفال، وهذا الدبوس العلامة الوحيدة التي تميز شمس عن قمر، ظل شوقي وهيثم وصلاح يتجولون في الاحتفال لتأمين حياة شمس من أي خطر.

وكان صلاح رجلا في الأربعين من عمره، قصير القامة، وبدين لون شعره رمادي، وله شارب، عيونه سوداء، ويرتدى نضارة.

 

وقبل البدء بالاحتفال، رأت قمر شيئا لامع وارتمت بنفسها على أختها وقت إطلاق الرصاصة، فوقعوا الأثنان، أحداهما بها رصاصة ولكن مازالت تتنفس، والثانية فاقدة للوعى، والدبوس مُرمى على الأرض، تم نقل الأثنين إلى المشفى العام، ولكن كانت أحداهم قد فارقت الحياة.

 

سمع سمير وآدم أنباء ذلك الاحتفال في التلفاز، وانتقلا في أول طائرة قادمة إلى مصر، كان آدم شابا في السابعة والعشرين من عمره، بشرته بيضاء، وعيونه زرقاء، وشعره بنيا، متوسط القامة.

 

حاولا شوقي وهيثم وصلاح التخفيف عن داليا في المشفى، وبعد مرور ساعات جاءت الممرضة وقالت: لقد أفاقت تلك الحالة ولكنها فاقدة للذاكرة، قال الطبيب: ربما كانت صدمة كبيرة أن ترى مقتل أختها أمام عينيها، ففقدت الذاكرة، وإذا بقيت رافضة التذكر، ربما لن تعود لها الذاكرة، ولكن عليكم الآن عدم تذكر تلك الحادثة أمامها، وتقوموا بسرد أحداث سعيدة بحياتها.

 

وعندما رأتها داليا أخبرت زوجها شوقي سراً أن زوجها الأول قد يأخذها لأنها قمر، وسيتعرف عليها بالتأكيد وأن عليه أن يكتب في الأوراق أن قمر هي التي قُتِلَت، وأن التي بقيت على قيد الحياة هي شمس.

 

-فقال شوقي: إن هذا أمراً خطيراً، لأنه إذا علمت تلك العصابات أن شمس على قيد الحياة، قد تتعرض للقتل مرة أُخرى.

 

-ردت داليا قائلة: إنه حقاً أمراً محير، ولكني سآخذها وأسافر للخارج بعد أن يستسلم سمير ويسافر، وأثناء تلك الأوقات ستبقى معي في أمان وهي فاقدة للذاكرة.

 

كان سمير قد وصل إلى المشفى ومعه آدم، فقابله الطبيب شوقي وشرح له ما حدث، وأن ابنته قمر قُتِلت بالخطأ، وقد كانت المقصودة هي شمس، وأن شمس فقدت الذاكرة، فذهب سمير ليرى ابنته، وعندما رآها قال: إنها قمر ابنتي. 

 

-فقالت داليا: أنت تتوهم، هل تفعل هذا لتأخذ ابنتي مني، لا لن أسمح لك، فهناك شهادة وفاة ستصدر باسم قمر

 

-ثم فجاءها قول سمير: أنه لن يسافر، وسيكمل حياته مع ابنته هنا، سواء كانت قمر أو شمس.

 

فعندها اعترفت داليا أمام الجميع بأن التي قتلت هي شمس، وأن قمر هي التي فقدت الذاكرة، وعلى آدم البقاء معها لأنه خاطبها، وربما يساعدها في استعادة ذاكرتها؛ وكانت شهادة الوفاة باسم شمس.

 

وعندما تحدثت قمر مع والديها أخبرتهم أنها تريد أن تذهب إلى البحر، فسافروا جميعا إلى الساحل الشمالي، وحاول آدم استرجاع بعض الاحداث السعيدة بينهم، ومع الوقت بدأت قمر تستعيد ذاكرتها، وكانت تأكل الاكل وتضع الكثير من التوابل الحارقة كما كانت تفعل، وترسم اللوحات على الشاطئ، وكانت جميع رسوماتها بالشمس والقمر، ولا تعلم السبب.

 

واثناء سيرها عند الشاطئ، طلب منها آدم ارتداء نعالا كي لا تجرح قدميها مرة أُخرى،

-فقالت له: إن قدمي ليست مجروحة.

-لا هناك ندبة أسفل قدمك.

-أترى؟ ليس هناك أي ندبة.

-هذا يعني أنك لست قمر، أنتِ شمس.

التوأم والرصاصة الحائرة الجزء الثالث من هنا

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٤ م - شروق
مارس ٣١, ٢٠٢١, ١٢:١٥ ص - Mervat
يناير ٢٦, ٢٠٢١, ٣:٢٦ ص - islam mohmed ahmed
About Author