لابد وأنه قد سبق لك التفكير بإبليس و طبيعة تكاثره وذريته مع علمك المسبق بأن الشياطين تتكاثر فله بذلك ذرية كما ذكر صراحة في القرآن الكريم: "أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا"، فكيف تكاثر إبليس وأصبح له ذرية بعد أن كان فردا واحدا؟ وهل له زوجة من الشياطين؟ أم أن طبيعة تكاثره مختلفة عن ما عرفنا؟ سنذكر في بضع سطور تالية أقوال العلماء وما روي عنهم من تقدير أو تفسير لطريقة وجود ذرية إبليس فلا يجوز أن نعتقد بعدم وجود ذرية له لأن في ذلك تناقض مع ما جاء في القرآن الكريم ذاكرا ذلك بقوله تعالى: "أفتتخذونه وذريته أوليآء من دوني" وإن العلماء مختلفون في ذلك فقد قيل أن تكاثره كان بالبيض وقيل أنه كان عن طريق الزوجة ولكل قول منهما ما يستدل به من أدلة ولكن يجدر بنا أن نذكر أننا لسنا على دليل ونص صريح وثابت في ذلك.
_ قول مجاهد في كيفية ذلك: قال أن تكاثره كان بالبيض فهو يبيض ويفرخ وكان أصل حصول ذريته بأنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات. _ قول الشعبي: والذي فهمه الشعبي من قوله تعالى: {أفتتخذونه وذريته أوليآء من دوني} أن الذرية لا تكون إلا من زوجة وبناء على ذلك فإن لإبليس زوجة فتكاثر وأوجد ذريته عن طريقها، وقد ورد في الحديث: "لما أراد الله أن يخلق لإبليس نسلا وزوجة، ألقى عليه الغضب فطارت منه شظية من نار فخلق منها امرأته.
_ وقال بعض أهل العلم أيضا بأن الله قد خلق له في فخده الأيمن ذكرا وفي فخده الأيسر فرجا وهو ينكح هذا بهذا فيفرخ كل يوم عشر بيضات ويخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة. ومن الذين استدلوا على أن طريقة تكاثر الشيطان كانت بالبيض استندوا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي روي في صحيح مسلم فقد قال: لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فيها باض الشيطان وفرخ. وقيل كذلك أنه باض ثلاثين بيضة عشرة منها في المشرق وعشرة في المغرب وعشرة في وسط الأرض فخرج من كل بيضة جنس من الشياطين وكلهم عدو لبني آدم.
• وقد قيل في أسماء أبناء إبليس الكثير ومنه ما قد ثبت ومنه ما لم يثبت ولكن مما ذكر في أسمائهم: الأعور و داسم ومُرَّة ومسوط والأبيض والأقيس وصخر والولهان ولقوس والهفهاف وخنزب وثبر وزلنبور وغيرهم ويقال أن لكل واحد منهم وظيفة ومهمة، وفيما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: قلت: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
إن كل ما سبق ذكره هو علم لا يضر الجهل به وجهل لا ينفع العلم به وكما ذكر أنها آثار ليست بثابتة ولا صريحة الذكر في نصوص الوحي فليس على الإنسان أن يشغل تفكيره بكلِّه في مثل هذه الأمور ولكن الأهم في ذلك هو ما أراده الله منا وما وجهنا سبحانه وتعالى إليه في ذكر ذلك في كتابه عندما قال: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا" فقد أشارت الآية إلى معنيين جوهريين لابد لنا التنبه إليهما: أولهما: أن الله قد رفع درجة الإنسان وكرمه على جميع خلقه وحتى على الملائكة الذين يتصفون بالطاعة الكاملة الدائمة غير المنقطعة طرفة عين فقد جعل الله الملائكة تسجد لآدم في أول خلقه والبشرية كلها منبثقة عنه عليه السلام فهو الملقب بأبو البشرية.
وثانيهما: أن العداوة متأصلة دائمة من الشيطان تجاه بني آدم إلى يوم القيامة وهو لا يفارق الإنسان فيجري منه مجرى الدم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يحضُرُ أحدكم عند كل شيءٍ من شأنه) والمسلم إذا كان ملازمًا لذكر الله تعالى في الأوقات كافة فإن ذلك تحصين له من الشيطان أعاذنا الله منه.
You must be logged in to post a comment.