طلوع الشمس من مغربها

إن علم الساعة هو من الأمور الغيبية التي اختص بها الله سبحانه وتعالى ولم يطلع عليها أحد فلا أحد يعرف متى تقوم الساعة حتى الملائكة والأنبياء قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) حيث ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الأمور الغيبية التي استفرد بها فلا يعلمها غيره ولكنه سبحانه جعل لقيام الساعة علامات دالة على قربها لينبه الناس ويذكرهم بالتوبة فمنها ما سمي بعلامات الساعة الصغرى وقد ظهر منها الكثير ومنها ما يسمى بعلامات الساعة الكبرى وهي عشر علامات لا تقوم الساعة إلا إن ظهرت جميعها فكما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال: (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم) ولكن ومع طلوع الشمس من المغرب لا ينفع الإنسان أن يتوب حينها.

طلوع الشمس من مغربها هي إحدى علامات الساعة الكبرى وكما بين النبي عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح أن باب التوبة يغلق مع هذه العلامة وهي أعظم علامة من علامات الساعة فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن جميع الناس ولكن لا ينفعهم إيمانهم إن لم يكونوا قد آمنوا من قبل وفيها قال الله تعالى في سورة الأنعام: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) فلا توبة بعد هذه الظاهرة وقد جعلها الله سبحانه وتعالى مقدمة ليوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون فذلك حيث لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) فلا ينتفع الكافر بإيمانه ولا ينتفع المسلم المتراخي بأن يزداد عملا وطاعة في ذلك الوقت.

وإن الحكمة من إغلاق الله تعالى لباب التوبة في ذلك الوقت لأن الإيمان لا يسمى إيمانا ولا ينفع صاحبه إلا إن آمن بالغيب أما عندما أصبح شاهدا على حقيقة الأمر سمي الأمر شهادة وليس إيمانا فلا ينتفع به صاحبه بل يكون بذلك مثل إيمان فرعون عندما أدركه الغرق فقال: (آمنت أن إلا إله إلا الله) وما انتفع بإيمانه لأن الروح قد غرغرت وأغلق معها باب التوبة فلا إيمان له وقد شارف على الموت وهذا هو الموضع الثاني الذي يغلق فيه الله سبحانه وتعالى باب التوبة عن عباده ألا وهو إن غرغرت الروح وشارف الإنسان على الموت فإن تاب في غير هذين الموضعين تاب الله عليه قال النبي ﷺ: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) وقال ﷺ: (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه).

فإن أشرقت الشمس من جهة المغرب انتهت المسألة وذلك لأن الجميع سيؤمن حينها فالكافر سيؤمن رغما عنه لأنه قد شهد بأم عينيه أن الإسلام حق بآية عظيمة خارقة لسنن الكون الطبيعية وعند ذلك سيؤمن رغما عنه والمذنب سوف يتوب والمقصر سوف يرجع ولكن بعد أن أصبح الإيمان أمرا اضطراريا لا اختياريا كما كان.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر