عادات وتقاليد الزواج في تركيا

تتميز الجمهورية التركية بموقعها الجغرافي المميز، حيث تقع معظم الأراضي التركية في قارة آسيا والجزء الأخر في قارة أوروبا، فقد كانت تركيا طِوال تاريخها جسرًا وحاجزًا بين هاتين القارتين، إذ تقع تركيا ما بين كل من البلقان والقوقاز والشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الجدير ذكره أنّ تركيا والتي عاصمتها أنقرة تُعد من بين أكبر الدول من حيث المساحة وعدد السكان، فمساحتها أكبر من مساحة أيّ دولة أوروبية، حيث تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 785,347 كيلومتر مربع، أمّا عدد سكانها وفقًا لإحصائيات عام 2019 قد بلغ حوالي 82,605,000 نسمة(مرجع1).

 

عادات وتقاليد الزواج في تركيا

تُشكّل حفلات الزفاف بشكل عام جزءًا رئيسًا لكل ثقافة، فهي تختلف باختلاف الدول حول العالم، فتركيا مزيجًا مميزًا من عدة ثقافات وحضارات وتاريخ؛ إذ أنّ حفلات زفافها قد تتفرد بها لوحدها، حيث تُعد هناك حفلات شاملة، وغالبًا ما يحضرها آلاف الأشخاص، فقد تحضرها قرى بأكملها، وذلك تحقيقًا لمبدأ "كلما كان العدد أكثر كان المرح أكثر"؛ وذلك على عكس حفلات الزفاف الضيقة الشائعة في العديد من الدول الأخرى(مرجع2)، ومن الجدير ذكره أنّه يمكن لحفلات الزفاف في تركيا أنّ تمتد لفترة قد تصل إلى حوالي 40 يومًا، إلا أنّه يُمكن أنّ تختلف هذه العادات باختلاف المنطقة؛ فعلى سبيل المثال يمكن أنّ تمتد حفلات الزفاف في الأناضول لحوالي ثلاثة أيام فقط(مرجع3)، وبشكل عام يمر الزواج التقليدي في تركيا بعدة مراحل؛ تُعد من أهم عادات وتقاليد الزواج والتي لا يُمكن الخروج عنها أو مخالفتها(مرجع3)، والتي تتلخص بما يأتي:

 

التحضير للخطوبة

 

تتنوع أشكال الزواج في تركيا وفقًا لكل منطقة فيها، بالإضافة إلى ثقافة أهل العروسين، ودرجة تعليمهم، فهي تحدد نوع الزواج وشكله، فمثلًا في المناطق التي يكون فيها مستوى التعليم منخفضًا، يكون شكل الزواج فيها تقليديًا، حيث يعتمد هذا النوع من الزواج على الخاطبة؛ وهي امرأة تجلب العروس لمن يريد الزواج، وفي أغلب الأحيان تقوم الأم بهذا الدور، فتهتم بجلب أفضل فتيات المنطقة لإبنها، ولكن في حال ارتفع مستوى التعليم، يختفي دور الخاطبة، بحيث لا يتدخل الوالدان في ذلك، كما أنّهما لا يفرضان على العريس فتاة معينة، كما هو الحال في الزواج التقليدي؛ الذي يكون فيه الرأي الأول للأم والأب، ولكن في الزواج الحديث يكون القرار محصورًا بالعريس وعروسه، بالإضافة إلى أنّها يقوما أيضًا بتحديد موعد الزفاف(مرجع4).

 

وضع قهوة بالملح

 

تبدأ طقوس الزواج في تركيا بذهاب العريس برفقة عائلته لطلب يد العروس من أهلها، إذ يجب عليه في هذا الموقف القدوم هو وكبار السن من عائلته وأكبر شخص فيها، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّه غالبًا ما تتم تلك الخطبة يومي الخميس والأحد، وذلك لاعتقاد الأتراك أنّ هذه الأيام تجلب الحظ الجيد، ومن الجدير ذكره أنّه في تركيا يُعد حفظ القرآن شرطًا أساسيًا للعروس لإتمام النكاح، فغالبًا ما تطلب العروس من العريس حفظ سورة من القرآن وتعتبرها كمهر لها، وإحدى أطرف العادات التي تحدث في يوم الخطبة قيام العروس بإضافة الملح لقهوة العريس، إذ يجب عليه أنّ يشربها كاملة ويتحمل مذاقها، فهذا تعبيرًا من العريس لعروسه عن مدى حبه وتقديره لها، فبعد تناول القهوة بالملح، يُظهر العريس أنّه على استعداد لتحمل كل ما يخرج من عروسه في المستقبل، ثم يقدم العريس هدية بسيطة للعروس كالورود مثلًا، كما أنّه يُحضر خاتمًا بسيطًا، فالخطوبة عند الأتراك هادئة وغير مكلفة، إذ يكفي إحضار خاتم بسيط للعروس وخاتم آخر للعريس وربطهما بشريط أحمر، تقوم والدة العروس بقص هذا الشريط، كرمزًا لانتقال ابنتها إلى حياة جديدة بعيدًا عن منزل والدها(مرجع3).

قهوة بالملح

التحضير لحفل الزفاف

 

كما هو الحال في حفل الخطوبة يتم قبل حفل الزفاف توزيع دعوات رسمية ودعوة لكل من العائلة والأصدقاء والجيران لحضور حفل الزفاف، كما تقوم عائلة العروس بمحاولة استكمال الاستعدادات وجهاز العروس، وتحاول عائلة العريس من الجهة الأخرى الانتهاء من شراء هدايا العروس؛ وذلك لتقديمها لها قبل الزفاف وأثناءه وبعده، وإحدى العادات التي تتميز بها حفلات الزفاف التركية وضع أعلام الزفاف من قبل الرجال القادمين من صلاة الظهر، وأصدقاء العريس في منزل العريس، كما أنّه يتم في بعض المناطق وضع التفاح والبصل والمرايا وغيرها عند قمة العلم، وبذلك يكون رسميًا قد بدأ حفل الزفاف(مرجع4).

 

ليلة الحناء

 

ليلة الحناء هي الليلة التي تسبق ليلة الزفاف؛ فهي الليلة التي يتم فيها توديع العزوبية استعدادًا لحياة الزوجية، ومع أنّ أنّ الاحتفالات قد تستمر لمدة أربعين يومًا، إلا أنّ يوم الحناء يحتل مكانة خاصة وغير اعتيادية لدى الشعب التركي، حيث تحرص العروس في هذه الليلة على ارتداء الفستان الأحمر الذي يعكس فرحة وسعادة هذا اليوم، إذ أنّ اللون الرسمي لليلة الحناء هو اللون الأحمر(مرجع3)، كما تتميز هذه الليلة بتقليد حرق الحناء، اعتقادًا منهم أنّها تحمي الأزواج من الشر، وكذلك تزيد من إخلاصهم لبعضهم البعض، حيث يتم حرق الحناء على يد كل من العروس وضيوف الحفل، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذه الحفلة تُعد بشكل أساسي حفلة نسائية، إلا أنّه يمكن حضور كل من العريس وأصدقائه؛ فيمكن لهذه العادة أنّ تختلف تبعًا للتقاليد، ولكنه في الغالب يكون احتفالًا لكل من العروس وأصدقائها، تتميز هذه الليلة أيضًا بالقليل من الحزن وذلك على الرغم من كونها مناسبة مبهجة وسعيد؛ فغالبًا ما تبكي العروس في هذا الحفل، لأنّها سوف تترك حياتها المعتادة وتدخل إلى حياة آخرى جديدة(مرجع2)

 

عادةً ما تجلب عائلة العريس الحناء معها؛ حيث يتم تكسير الحناء الجافة إلى قطع في إناء فضي أو نحاسي، وذلك من قبل أيّ امرأة لا يزال والدها ووالدتها على قيد الحياة، ولم ينفصلوا، فبعد تجهيز العروس، يتم وضع طرحة حمراء مطرزة على رأسها، ثم يتم وضع العروس وسط الضيوف؛ وذلك بوجود الأغاني والتراتيل المتعلقة بليلة الحناء، حيث يتم وضع الحناء على يدا ورجلا العروس، بالإضافة إلى وضع قطعة من المال في يد العروس من قبل أحدًا من أهل العريس، بعد مغادرة الضيوف، يبقى أقرب أصدقاء العروس معها حتى صبيحة يوم الزفاف، ويقضون أخر ساعات العزوبية معًا، ولا بدّ من الإشارة هنا إلا أنّه في بعض المناطق يقام حفلًا مماثلًا للعريس من قبل أصدقائه في منزله أيضًا(مرجع4).

يوم الزفاف

 

يحظى يوم الزفاف باهتمام كبير من قبل العائلة والأقارب والأصدقاء، فالجميع يتجهز لهذا اليوم قبل فترة طويلة، إذ يبدأ الاحتفال من الصباح الباكر، ولكن لا شك أنّ عادات وتقاليد أهل الشمال تختلف عن أهل الجنوب، فهناك من يفضل إقامة زواجًا حديثًا أيّ أنّ يقام العرس في النهار، بينما يقوم البعض الأخر بإقامة الزفاف أثناء الليل، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ حفلات الزفاف اليوم في المدن والمناطق الحديثة تتشابه كثيرًا مع حفلات الزفاف في دول الغرب، والتي تقتصر على وليمة الزفاف أو حفل استقبال يجمع عائلة وأصدقاء العروسين(مرجع4).

غالبًا ما تبدأ مراسم الزفاف عمومًا في الأعراس التقليدية يوم الثلاثاء وتنتهي يوم الخميس، أو تبدأ يوم الجمعة وتنتهي يوم الأحد، والتي يقوم بتغطية نفقاتها عائلة العريس، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الزواج في تركيا يتطلب إقامة مراسمًا مدنية يتم إجراؤها وتسجيلها من قبل موظف البلدية؛ وذلك ليكون التسجيل قانونيًا، ففي معظم الأحيان يسبق الاحتفال الديني الاحتفال المدني بأيام قليلة(مرجع4).

 

يُسمى اليوم التالي ليوم الحناء بيوم جلب العروس، حيث تخرج مسيرة احتفالية من بيت العروس لمنزل العريس، حيث تكون الدعوة لها مفتوحة للجميع، فتكون مسيرة متبوعة بالطبول، يذهب فيها الضيوف لجلب العروس سيرًا على الأقدام في حال كان بيتها قريبًا، أو بالسيارات إذا كان منزلها بعيدًا جدًا، إلا أنّه في بعض المناطق لا يُسمح للعريس بمرافقة موكب الزفاف، أمّا في مناطق أخرى يأخذ العريس حمامه التركي ويتزين، وكذلك الأمر بالنسبة للعروس، ثم يذهب لإحضار عروسه من منزل والدها(مرجع4).

 

في بعض المناطق، يتم تحضير العروس من قبل النساء المسنات الذين يساعدونها ويعتنون بها، على عكس الوقت الحاضر الذي يتم فيه تحضير العروس في صالون التجميل، ثم تنضم إلى المسيرة الاحتفالية في طريقها إلى منزل العريس، فقبل مغادرة منزلها تكون مرتدية ثوب الزفاف الذي يضم شريطًا أحمرًا؛ يتم ربطه حول خصر العروس بواسطة شقيقها أو أحد أقربائها المقربين، وتتلقى العروس ما يسمى بالنقطة من العائلة والأقارب والأصدقاء، ومن أشهر عادات وتقاليد الزواج في تركيا، أنّه يجب على العروس أنّ تنظر في المرآة قبل مغادرة منزل والدها؛ كدلالة على أنّ الطريق ممهد ومعبد لها، وأنّ حياتها الزوجية ستستمر طويلًا، ثم تقول العروس وداعا لمن يبقون في المنزل، ولتخفيف الأمور، يُغلق مدخل الباب أحيانًا من قبل قريب ذكر من أهل العروس، أو يجلس أصغر أخ لها على الصندوق الخشبي الذي يحمل جهازها، وذلك لعدم السماح للعروس بالمغادرة، فتحل عائلة العريس هذه الموقف، وتغادر العروس منزل والديها(مرجع4).

 

بعد الانتهاء من التجول في أنحاء القرية، يصل موكب الزفاف إلى منزل العريس، حيث تستقبل حمات العروس كل من الموكب والعروس عند الباب الأمامي، وتقدم لها هدية كترحيب بها، ثم يأخذها العريس من ذراعها إلى داخل المنزل، يخرج العريس بعد برهة من الزمن مع أصدقائه خارج المنزل حتى وقت متأخر من الليل، إذ يحلق ويغتسل ويرتدي ملابسه؛ ثم يذهب إلى المسجد لأداء صلاة قيام الليل، ثم يعود إلى المنزل، فيتم إجراء مراسم الزواج الديني للعروس والعريس من قبل خطيب المسجد المحلي، وبعد إجراء الحفل، يُسمح للعروس والعروس بدخول غرفتهما، ومن الجدير ذكره أنّه تقوم امرأة مسنة تدخل إلى غرفة العروسين بجعلهما يقوما بإمساك يدي بعضهما البعض، ويؤدي العريس صلاته، ثم يفتح وجه العروس بعد أنّ يقدم لها هدية؛ وذلك لكي يستطيع رؤية وجهها مكشوف، ثم يقوموا بتناول وجبة الطعام التي قامت عائلة العروس بتحضيرها(مرجع4).

 

المراجع:

 

(مرجع1):

 

https://www.britannica.com/place/Turkey

 

(مرجع2):

 

https://www.goturkey.com/blog/let-us-tell-you-what-a-turkish-wedding-is-like

 

 (مرجع3):

 

https://erasmusu.com/en/erasmus-istanbul/erasmus-experiences/customs-and-traditions-of-marriage-in-turkey-937817

 

(مرجع4):

 

http://www.turkishculture.org/lifestyles/ceremonies/weddings/wedding-traditions-536.htm

 

 

 

 

 

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author