بسم الله الرحمن الرحيم
قيل في الأمثال عدو عاقل خير من صديق جاهل . ومما لا شك فيه أن كل منا يحتاج الى صديق صدوق عاقل حكيم ذو معرفة وتجربة , صديق يصدقك القول والفعل يشور عليك بالمشورة الصحيحة الصادقة , ويجنبك الوقوع بالمشاكل . ولا يمكن لنا معرفة الصديق إلا من خلال التعامل معه , فالصديق الجاهل يكون ضرره أكثر من نفعه وغالبا يتعامل بالعاطفة وليس بالعقل , سريع الغضب فهو يغضب على أقل الأسباب لا يفكر في عواقب ألأمور , يفشي السر ولا يحفظه , يفرح إذا وافقته الرأي ويغضب إذا خالفته ألرأي, وإذا غضب فجر وخاصم وهجر. تحتار في التعامل معه وتحذر في الحديث معه , فتجد نفسك تختار كلماتك بعناية ودقة . وغالبا يحب أن يحمد ويثنى عليه على أي تصرف يقوم به . لايقبل الرأي الآخر ولا يتقبل النصح والأرشاد . إن احتاجك تواصل معك وتقرب منك , وإذا لم يكن بحاجتك تجاهلك وأبتعد عنك , يقلل من إحترامك ولا يهتم بك كثيرا فقد يتخلى عنك في أي وقت وفي أي موقف , وإذا طلبت مساعدته يختلق الأعذار. إذا أحب شيء يريدك أن تحبه وإذا كره شيء يريدك أن تكرهه لا يراعي مشاعرك وخصوصيتك وبالمختصر هو متقلب المزاج لا تعرف ما يريده ولا تعرف كيف تتعامل معه ( فهو صديق عند مصلحته فقط ) .
أما العدو العاقل فيحترم عدوه ولا يقلل من شأنه ويتصرف معه بأدب ولا يسيء له ويتجنب الثرثرة وإثارة الفوضى والمشاكل , لا يستفز خصمه ولا يتطاول عليه , وإذا مرض زاره وإذا مات شارك في جنازته . ولا يتشمت به إن اصابته مصيبة . العدو العاقل يعرف قيمة خصمه ويعرف عواقب الأمور , فلا يفجر ولا يشتم ولا يتطاول على خصمه , العدو العاقل يقبل بحكم القضاء ويترك خصمه بحاله .
وبكل تأكيد يفضل عدم وجود عدو عاقل أو غير عاقل كما يفضل تجنب صداقة الصديق الجاهل وتجنب صداقة المصلحة . واختيار الأصدقاء بعناية فائقة تقوم على أسس متينة من التدين والصلاح وحسن الخلق والعقلانية بحيث يرى الأمور من جوانبها الصحيحة وأن يكون معيناً لصديقه في جميع الأمور , وأن تكون الصداقة لوجه الله تعالى .
You must be logged in to post a comment.