عيسى عليه السلام هو أحد أنبياء الله سبحانه وتعالى الذين بعثوا إلى بني إسرائيل وهو آخرهم فقد بعث الله لهذا القوم الكثير من الأنبياء والرسل فكذبوهم أجمعين فكان عيسى آخر الأنبياء إليهم وبعث بعده الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام للناس كافة وهو خاتم الأنبياء جميعهم، ولد عيسى لأم من غير أب وكانت ولادته معجزة من الله سبحانه وهو القادر على كل شيء فقد خلق آدم من قبله وهو أبو البشرية بلا أب أو أم فكان عيسى بكلمة كن كما ذكر في القرآن الكريم: (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ولهذا أطلق عليه القرآن أحيانا لفظ (كلمة الله) وكلمة الله في عيسى هي كن فكان عليه السلام.
وضع الله في عيسى منذ ولادته العديد من المعجزات الخارقة فقد تكلم وهو في المهد مايزال طفلا محمولا فقال لقومه عندما أشارت إليه أمه لكي يسألونه القوم بدلا منها كما ذُكر على لسانه في القرآن: (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) ولما اشتد عوده وبعثه الله بالحق لبني اسرائيل أيده بمزيد من المعجزات العظيمة لتذكر القوم بقدرة الله تعالى وتدفعهم إلى الإيمان مثل أنه كان يصنع من الطين تمثالا بهيئة طير فينفخ فيه ويتحول لطير حقيقي بإذن الله وكان وكان يبرئ الأكمه والأبرص ويخبر الناس بالذي يأكلونه وبالذي يدخرونه وكان يحيي الموتى وكله بإذن الله سبحانه.
لما بدت بوادر الكفر من قوم عيسى عليه السلام كانت بأذيته والعمل على صرف الناس عنه والتقليل من أتباعه والتضييق عليه وعلى دعوته وكانوا يقذفون أمه (مريم عليها السلام) بالفاحشة ويكذبونه ولما اشتد بهم ذلك ورأوا أن أكثرية الضعفاء يؤمنون به وأعداداهم تتزايد قرر كبار قومه أن يكيدوا له فيخططوا لقتله وذلك بتحريض الملك الروماني عليه فقد أوهموه ان انتشار دعوته تعني زوال ملك غيره فأصدر قرارا بالقبض على عيسى عليه السلام فأراد أحد المنافقين أن يدلل على سيدنا عيسى عليه السلام ليقتل فألقى الله عليه شبها لعيسى ابن مريم فقبضوا عليه وقتلوه وصلبوه ظنا منهم أنه عيسى ابن مريم ولكنه عليه السلام نجاه الله من القتل فرفعه إليه، قال الله تعالى: (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلاّ اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً).
إن عيسى عليه السلام لم يمت ولم يصلب كما ظنوا ومازال أتباعهم يظنون بذلك إلى يومنا ولكن نجاه الله ورفعه إليه وإن من علامات الساعة الكبرى أنه سينزل في آخر الزمان فيحكم الأرض كلها بحكم الله كلها ويسود العدل فيها كما لم يكن من قبل فتتوحد كلها تحت حكم حاكم واحد وهو عيسى ابن مريم عليه السلام ويؤمن به حينذاك أهل الكتاب الذين كانوا يظنون بأنهم قتلوه، قال تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً).
يكون نزول عيسى ابن مريم عليه السلام بعد انتشار فتنة المسيح الدجال في الأرض وإفساده فيها فينزل عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق كما أخبر النبي محمد عليه الصلاة والسلام فتكون نهاية الدجال على يديه بعد ان يقوم قتال عظيم بين المسلمين واليهود بقيادته فينتصر المسلمون حتى يجعل الله الشجر والحجر ينطقان فيقولان: (يا مسلم هذا يهودي ورائي فتعال واقتله).
يمكث عيسى في الأرض سبع سنين حاكما عادلا إلى أن يتوفاه الله فيدفنه المسلمون ويصلوا عليه وإن حكمه هذا هو دليل قاطع على اقتراب قيام الساعة وأما عن فترة حكمه فهي فترة رخاء وأمن وأمان تكثر فيها الأموال بل وتفيض عن الحاجة وينزع الله الحسد والبغض من كل القلوب فينعدم القتال كما وينزع سم كل حيوان فيه سم مثل الأفاعي والعقارب حتى ترى الأطفال يلعبون مع الأفاعي فلا تضرهم ويرسل المطر الغزير فيروي الأرض ريا تنبت به كل بركاتها وثمارها، قال عليه الصلاة والسلام: (يهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم).
اللهم ثبت قلوبنا على دينك حتى نلقاك لا نشرك بك شيئا وارض عنا وراضنا وأحسن ختامنا واعصمنا من الفتن إنك أنت العزيز الحكيم.
You must be logged in to post a comment.