علمني الموت

 

نعيش الحياة بتعاملاتها وتجاربها وناسها ونتعلم الكثير، ونظل نتعلم حتى آخر يوم في حياتنا.

ولكنني شعرت يومًا باقتراب الموت، اقترابه جدًّا، مجرد شعور داخلي لا أعلم من أين أتى، نعم، إنه بالطبع الشعور الذي يأتي لأي إنسان قبل موته بأيام أو شهور.

يا للصدمة! سأترك حياتي وبيتي وأولادي.. وأموت!!

وماذا بعد الموت؟! إلى أين سأذهب وكيف أكون وحدي في الظلام؟
لقد ظللت في الصدمة فترة إلى أن تخطيت هذه المرحلة وبدأت أن أفكر جدّيًّا في الأمر.

لقد كنت أنظر إلى أولادي نظرة مختلفة، أنظر إلى كوب الشاي الذي أحتسيه بطريقة غريبة، لقد كنت أشعر أني انسلخت من الدنيا، ولست أنا وهي شيئًا واحدًا!

كم مرت من سنوات وشهور، كم رحلت من ذكريات ومواقف، كم كانت الحياة قصيرة!

حقًّا! إنها قصيرة جدًّا، لم أكن أتخيل أن هذه اللحظة سوف تأتي بسرعة هكذا.

كم كان الإنسان قاسيًا!

قاسيًا على نفسه! لا يفكر في هذه اللحظة، يا الله سوف يحزنون عليّ ثم ينسونني رغم حبهم لي!

سوف تكون صدمة قوية لهم، كيف يعيش أولادي من بعدي، وكيف يتكلم الناس عني بعد موتي، وكيف وكيف، لكن الأهم كيف أكون أنا بعد الموت، إلى أين مصيري ومرجعي؟ سيكون إلى نعيم مقيم أم إلى جحيم؟

حقًّا علمني الموت!

 

علمني الموت ألا أنسى نفسي، نفسي التي سوف تعيش الحياة الطويلة بعد الموت.

علمني ألا أقول دائمًا أن الأيام القادمة أجمل وسوف تكون أفضل.

علمني ألا أهين نفسي بعد الموت، علمني أن الحياة قصيرة، علمني ألا أتعلق بأهلي وأولادي، فإما أرحل عنهم وإما يرحلون، والحياة لا تستحق الحزن، بل الموت هو ما يستحق كل شيء، حقًّا! كل شيء!

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author