عمى الألوان

ما هو عمى الألوان؟    

عمى الألوان Color Blindness هو عدم مقدرة الإنسان على تمييز الألوان، ورؤية الألوان تتم بواسطة خلايا بصرية خاصة، في شبكية العين تسمى (المخاريط)، ويوجد في عين الإنسان ثلاثة أنواع من (المخاريط)، كل نوع من هذه الأنواع حساس للون مختلف، ويرجع عجز الإنسان عن رؤية الألوان، إلى نقص نوع أو نوعين من المخاريط، أو ربما كل أنواع (المخاريط)، ومعظم المصابين بعمى الألوان، يمتلكون رؤية ثنائية للَّون، فهم يرون اللونين الأصفر والأزرق فقط، ويختلط عندهم اللونان الأحمر والأخضر، أو الأحمر والأخضر مع الأصفر، وقد يحدث أن يفقد أشخاص رؤية جميع الألوان، لكن هذا نادر جداً، فتكون لديهم رؤية (لا لونية)، بمعنى أنهم يرون الأبيض والأسود ودرجات الرمادي، كأنهم يشاهدون صورة فوتوغرافية أبيض وأسود.

رؤية الألوان             

لقد وهب الله تعالى الإنسان خمس حواس، هي: السمع والبصر والذوق والشم واللمس، وحاسة البصر هي الأكثر تطوراً بين هذه الحواس الخمس، بينما عند بقية الكائنات الحية، تتفوق حواس أخرى، مثل حاسَّتي السمع والشم، وعين الإنسان عضو معقد التركيب، يدخلها الضوء من البؤبؤ (الحدقة)، فتركزه العدسة في بؤرة على الشبكية، التي تبطن الجدار الخلفي للعين، وللعين مقدرة على إدراك اللون، إلى درجة أنها تستطيع أن تميز ما يقارب من ثلاثمائة ألف لون مختلف، وهي مرتبطة بالخلايا العصبية، التي  تحتوي على مواد كيميائية، والتي تتأثر بالضوء، فإذا ما سقطت عليها حزمة ضوئية، انتقل التفاعل الكيميائي المثار في هذه الخلايا إلى المخ، على هيئة دفعات عصبية، فيقوم المخ عندئذ بترجمة هذه الدفعات العصبية، إلى الصورة الأصلية للشيء المرئي. 

مكتشف عمى الألوان      

يعزى اكتشاف عــمى الألــوان إلى العالم البريطانـي جـــون دالتـــــون (1766-1844)، وكان ذلك في عام 1793، وهو أول من وصفه، وكان مصاباً به، وقد نشر بحثاً في هذا الموضوع، من أجل ذلك عرف عمى الألوان بـــ(الدالتونية)، ولهذا الاكتشاف قصة، إذ لم يعرف جون دالتون بمرضه هذا، إلا بعد مرور سبعة وعشرين عاماً من حياته، فقد كان طول هذه السنوات، يرى العالم على غير حقيقته، وهو لا يدري نهائياً، فكان يرى الأحمر أزرقاً والأخضر أحمراً.   

أنواع الخلايا العصبية    

ويوجد في شبكية العين نوعان من الخلايا العصبية الحساسة للضوء، هما: الخلايا العصوية، وهي تحس بالضوء الخافت، وعددها 125 مليون خلية عصوية، والخلايا المخروطية، وهي تحس بالضوء الساطع، وعددها 7 ملايين خلية مخروطية، والخلايا العصوية هي خلايا عاجزة عن تمييز الألوان، لذا تعمل في عتمة الليل فقط، فترى حينئذ الألوان المبهجة في الأماكن المعتمة درجات من اللون الرمادي، أما الخلايا المخروطية فهي التي نستطيع من خلالها رؤية الألوان.  

مجموعات الخلايا المخروطية     

يعتبر العالم الألماني هرمان فون هلمهولتز (1821-1894)، أول من قال بوجود ثلاث مجموعات من الخلايا المخروطية في شبكة العين، يحس كل نوع منها بأحد الألوان الأولية الثلاثة في الضوء، فالمجموعة الأولى حساسة للضوء الأحمر، والمجموعة الثانية حساسة للضوء الأزرق، والمجموعة الثالثة حساسة للضوء الأخضر، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن تركيب أي لون بمزج هذه الألوان الأولية، فعندما يسقط الضوء على شبكية العين، تتأثر به مجموعة أو أكثر، من الخلايا المخروطية الثلاث، وذلك تبعاً للونه، فالضوء الأصفر مثلاً يستثير الخلايا المخروطية الحمراء والخضراء على حد سواء، ولا يستثير الخلايا المخروطية الزرقاء مطلقاً، وتتحول استجابة الخلايا المخروطية إلى إشارة كهربائية، يحملها العصب البصري إلى المخ، فيميز المخ لون الضوء المستثير.  

أقسام عمى الألوان   

ينقسم عمى الألوان إلى قسمين: العمى الكلي والعمى الجزئي، أما العمى الكلي، ويسمى (العمى المطلق) أيضاً، فهو العجز عن رؤية الألوان بشكل كامل، وهو نادر الحدوث –كما ذكرنا آنفاً- إذ لا يوجد إلا واحد من بين كل ثلاثمائة ألف شخص، يصاب بالعمى الكلي، والمصاب بهذا العجز يرى بوساطة الخلايا العصوية فقط، لأنه لا يملك الخلايا المخروطية، لذا فهو عاجز عن رؤية الطيف اللوني، أما العمى الجزئي فهو العجز عن تمييز بعض الألوان، ويصيب هذا النوع ما يقارب من اثنين في المائة من الناس، وله عدة أنواع، أكثرها شيوعاً هو عدم التمييز بين اللونين الأحمر والأخضر، وأقلها شيوعاً هو عدم التمييز بين اللونين الأصفر والأزرق، وليس لهذا المرض من علاج معروف، لكنه لا يسبب لصاحبه الأرق والضيق كبقية الأمراض.  

مشكلة وراثية         

يقول العلماء أن عمى الألوان مرض وراثي، فإذا تزوج رجل -مصاب بعمى الألوان- امرأة رؤيتها سليمة، فإن رؤية أولادهما للألوان ستكون طبيعية، ومن جانب آخر، قد يصاب بناتهما بعمى الألوان، وبالتالي ينتقل إلى أطفالهن، أما إذا تزوجت امرأة -مصابة بعمى الألوان- رجلاً رؤيته سليمة، فقد يرث أبناؤهما هذا الخلل بنسبة 50%، وإضافة إلى الجانب الوراثي، فإن عمى الألوان قد ينتج عن أسباب كثيرة، منها: إصابة شبكية العين أو العصب البصري.   

الرجال أكثر          

يعتبر الرجال أكثر عرضة لعمى الألوان من النساء، ويصيب عمى الألوان ثمانية رجال، من بين كل مائة رجل، في حين يصب عمى الألوان امرأة واحدة، من بين كل مائتي امرأة، والعجيب أن كثير من الناس المصابين بعمى الألوان، لا يدرون العيب في بصرهم، فيواجهون عراقيل وعثرات أثناء نشاطهم اليومي، فإذا خلطوا بين الأحمر والأخضر مثلاً، فإنهم لا يستطيعون تمييز ألوان إشارات المرور، إلا من خلال سطوعها أو تتابعها، ويرفض العمل المسلح قبول أشخاص مصابين بعمى الألوان، وبالإضافة إلى ذلك، فإن عمى الألوان يعيق كل من يشتغل في ميادين: النقل الجوي والنقل البحري، ومجالات الفن والتصميم، فمن يعاني من هذا العجز البصري، من الصعب عليه العمل في هذه المجالات على وجه التحديد.     

اختبار عمى الألوان    

يقوم الخبراء باختبار عمى الألوان بسهولة عند كثير من الناس، وقد أشارت بعض الاختبارات إلى نوعية ودرجة عمى الألوان، ويتم في هذا الاختبار عرض أشكال ملونة متنوعة، مثل المثلثات والمربعات والمستطيلات والدوائر، وتختلف هذه الأشكال من حيث شدة اللون ونوعيته، ويتوقف النجاح على مقدرة تمييز الشخص لألوان الأشكال.

المراجع    

  • الموسوعة العلمية الميسرة، نقولا شاهين، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، 1984.   
  • الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.    

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
أبريل ١٨, ٢٠٢٣, ٣:٥١ م - Aya Mohammed
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٢٣ م - Abdallah
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Rasha
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٠ م - Areej Alfateh Salah Aldien
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٢ م - ملك حمدي
About Author