قصة طالوت وجالوت

• من هم طالوت وجالوت؟ وما علاقة نبي الله داوود عليه السلام في قصتهما؟

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى قصة طالوت وجالوت في كتابه الكريم فقد وردت في أواخر الجزء الثاني من سورة البقرة فما هي قصتهم؟ وماذا نعتبر منها؟..
طالوت وجالوت شخصين أحدهما آمن بالله وأطاعه والآخر كفر وعبد الهوى عصيانا.
• أما عن طالوت فمن أبناء بنيامين ابن يعقوب عليه السلام وقد كان رجلا بسيطا من بني إسرائيل أكرمه الله بأن آتاه العلم والحكمة وزيادة على ذلك قوة في بنية الجسد وحنكة في الخطط العسكرية.

• لما انقطع نسل الأنبياء في بني إسرائيل جعل الله حكم الملوك يسري عليهم بدلا من حكم الأنبياء وقد عاشوا في ظلم وجور جراء الملوك الجبارين الذين حكموا بهم فقد كانت تسفك دمائهم وتؤخذ بيوتهم وأموالهم ظلما فما زادهم ذلك إلا ضعفا وانكسارا لدرجة أن تكالب عليهم أعدائهم الذين لم يكونوا يقدروا عليهم من قبل.
وفي واحدة من حروبهم مع أهل عسقلان وغزة هزموا هزيمة ساحقة وانتصر عليهم أعدائهم وعلى إثر ذلك انتزعوا منهم التابوت ( وهو التابوت الذي كانت تحفظ فيه ألواح العهد القديم - التوراة-) وقد كان أخذه منهم بحد ذاته عقابا من الله لهم نتيجة لقتلهم أنبيائه واعتدائهم عليهم بغير حق.
وبعد أن ضاع التابوت منهم انحرف طريقهم ومسارهم وازدادوا تخلفا وانكسارا وأصبحوا شتاتا بلا حاكم ولا جامع وظلوا على ذلك الحال 64 سنة حتى بعث الله (شمويل بن بالي) نبيا لهم.

• طلب بنوا إسرائيل من نبيهم أن يدعو الله ليبعث لهم ملكا عليهم يقودهم للقتال في سبيله واستعادة ما سلب منهم وأوصلهم إلى حالهم فقضى الله سبحانه وتعالى بأن يكون (طالوت) هو الملك عليهم ولكنهم لم يرضوا به بحجة أنه لا يملك تلك المقومات التي تجعل منه ملكا في نظرهم!
إذ أنه لا يملك سعة في المال وهذه ليست من سمات الملوك.
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

• وطلب بنوا إسرائيل من نبيهم أن يأتيهم بآية (دليل) تبين أنه ملك، فجائتهم الآية التي طلبوها وهي "التابوت" أي أنه قد رد إليهم التابوت الذي سُلب منهم من قبل.
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.

• فلما خرج طالوت بالجيش للقاء جالوت وكان عددهم 80 ألف رجلا ، شاء الله سبحانه وتعالى أن يمتحن قدرتهم على مجاهدة نفوسهم قبل مجاهدة العدو وقد كانوا في أرض صحراء قفرة فأصابهم العطش الشديد فابتلاهم الله بأن مروا على نهر الشريعة (الموجود بين الأردن وفلسطين ) ولكن طالوت كان قد أخبرهم بأن الشرب من النهر والارتواء منه ممنوع عليهم ولا بأس بغرفة بسيطة بيد الرجل منهم يبل بها ريقه فقط ، إذ إن الذي يشرب من النهر سيخرج من صفوف الجهاد فلا يصاحب الملك إلى القتال.
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ}.

• لقد ربط الله تعالى الانتصار بالمعركة بالانتصار على النفس ولكن قليلا منهم من اجتاز الاختبار فقد قيل أنه شرب من النهر 76 ألفاً وتبقّى منه 4 آلاف فقط.

• فلما تجاوز طالوت النهر مع الأربعة آلاف منهم الذين صبروا على العطش ومضوا معه ، أصابهم الخوف والإحباط من رؤية أعداد جيش جالوت وتدريبهم ومقارنتهم بعددهم الذي نقص، فاشتكوا إلى ملكم بأن قالوا له ليس لدينا القدرة اليوم على قتال جالوت وجيشه الضخم فرد عليهم أخيارهم بأن ذكروهم برجوع الأمر كله لله فكثيرا ما قدر الله أن تغلب الفئة القليلة مقابلها ولو كانت فئة كثيرة.

فلما تواجه الجيشان أخذ بنوا إسرائيل يدعون الله بالثبات والصبر والنصر {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين}
وقال تعالى إِخباراً عن نتيجة هذه المعركة: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} أي هزموا جيش جالوت بنصر الله وتأييده إِجابةً لدعائهم وانكسر عدوهم رغم كثرته {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ}.

• حيث كان داوود عليه السلام في جيش المؤمنين مع طالوت وقد كان صائب الرمية فصوب هو سهامه على جالوت حتى قتله.
وقد وهب الله لداوود عليه السلام الملك والحكمة والعلم النافع كما هو مذكور في كتابه العزيز {وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ}.
ويحكى أن طالوت كان قد وعده يقاسمه في نعمه ويشركه في جميع أمره ويزوجه ابنته إن قتل جالوت فوفى له داوود عليه السلام فآل الحكم والملك له مع ما خصه الله به من النبوة العظيمة.
لم يعرض القرآن الكريم قصة طالوت وجالوت للتسلية ولكن لتثبيت قلوب المؤمنين في كل زمان ومكان وليعلموا أن الأمر كله لله والنصر والنعم والعطاء دوما بيد الله ولو لم توجد الأسباب المنطقية لذلك.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر