إن من أبرز المشكلات المرتبطة بعصرنا الحالي أننا أصبحنا منغمسين بمشاكل حياتنا وأعمالنا الخاصة مما جعلنا ومن غير قصد ربما ننسى الآخرين ونتجاهلهم وإذا قام أحدنا بإظهار القليل من الاهتمام لغيره فسيجد أن الكثير من الأشخاص يعايشون مشاعر الوحدة بشكل كبير والوحدة إنما هي شعور شديد وغزير بالعزلة والانطوائية والبعد عن الناس مما يجعل الإنسان حزين وكئيب وكثير القلق والأرق في بعض الأحيان ومن الجدير بالذكر أن الوحدة أن هذا الشعور قد يتولد لدى البعض حتى مع وجود الناس من حولهم والوحدة ليست مرضا إنما تشبه في سرعة انتشارها المرض.
تحدث الوحدة عندما تكون العلاقات الاجتماعية للفرد أو تواصله مع المجتمع ناقص بشكل ما وتظهر نتيجة أسباب كثيرة ومن أهمها طبيعة الإنسان التي تميل إلى الراحة على أغلب الأصعدة فإن التواصل مع الأشخاص وتكوين العلاقات وتبادل الأفكار والمشاعر والعواطف والتركيز على التواصل مع الأشخاص يحتاج من الشخص جهد وطاقة وهي أمور لا تقوم أي علاقة بدونها فيفضل أن لا يبذل مجهودا فيها فيتوسع بذلك باب الشعور بالوحدة لديه ومن جهة أخرى فقد أصبح من النادر في عصرنا الحاضر أن تجد من يستطيع أن يفهم نفسه ومشاكله بشكل صحيح ويعرف ما الذي يريده وما الذي لا يريده على وجه الدقة والعجيب هنا أن يتوقع من الآخرين ذلك مما يجعل فرص الصدام بينه وبين الناس في تعاملاته كثيره فيلجأ بذلك إلى الاعتزال مبررا لنفسه ذلك بأن الناس لن تفهمه من غير أن يعي أنه قد عجز بالأصل عن فهم نفسه فيلقي اللوم على غيره وهذا يعزز الشعور بالوحدة بشكل غير عادي.
إن الشعور بالوحدة ليس هو الإشكال في حد ذاته ولكن الإشكال الكبير المتعلق به على وجه الخصوص هو أنه يعد بداية للكثير من التطورات النفسية السيئة التي قد لا يحمد عقباها ففي مراحل متقدمة قد يصل الشخص الذي يشعر بالوحدة للإكتئاب والوسواس والرهاب الاجتماعي والقلق والتفكير في الانتحار أو الإقدام عليه كما وعليك أن تعي أن الشعور بالوحدة لا يمكن التخلص منه بأن تقول لنفسك مثلا: لا تعقد الأمر إنه بسيط أو تغاضى عن الأمر إلى أن تنسى.
أولا: إن أول خطوات الوصول إلى الحل هو الاعتراف بداية بوجود العقدة فعلا فلا تتجاهل الأمر أبدا فإنك بذلك تزيد الطين بلة، إذن يوجد مشكلة حقيقية ونريد أن نحلها.
ثانيا: أنت بحاجة لتواصل حقيقي فلا تحاول أن تعالج الأمر بإرسال طلبات صداقة إلكترونية والدخول بمحادثات تعارف إلكتروني لا يسمن ولا يغني من جوع.
ثالثا: إن أهم قاعدة في بناء علاقة متينة هي أن يكون الشخص عفويا وعلى طبيعته فلا يتصنع ولا يغالي وهذا بالطبع يحتاج منك أن تتعرف على نفسك بوضوح وأن تتقبلها وتقدرها وتضعها في موضعها من غير تقليل أو مبالغة فكما قيل: رحم الله أمرىء عرف قدر نفسه.
رابعا: عليك أن تقلل عدد الساعات التي تقضيها يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي وتستبدلها بأعمال اجتماعية مثل الأعمال التطوعية أو الدورات التدريبية والتعليمية.
خامسا: إذا طبقت الخطوات السابقة وبدأت بالتعامل مع الناس ورأيت من نفسك تطورا وأن حالتك النفسية أصبحت أكثر صحية وسعادة فعليك أن تحافظ على وجود التواصل الاجتماعي الحقيقي في حياتك فهو حاجة حقيقية يغفل البعض عن كون الحياة لن تستمر بطبيعية من دونها.
سادسا: إذا وجدت أنك تعاني من التواصل الحقيقي مع الناس وأن الأمر فيه صعوبة كبيرة جدا ولاحظت على نفسك أنك تتهرب من التفاعلات الاجتماعية التي من الممكن أن تتعرض لها فإن ما يحدث معك قد يكون نتيجة أحد الرواسب التربوية الخاطئة التي تعرضت لها في طفولتك أو التجارب السلبية المرتبطة بمراحل سابقة من حياتك فالذي ننصحك به هنا هو أن لا تترد في البحث عن استشارة نفسية فإن الأمر سيكون نافعا لك إلى حد كبير.
You must be logged in to post a comment.