تتوالى الفصول الأربعة، ويتعاقب الليل والنهار، وتِبعًا لذلك تختلف الحرارة المحيطة بنا ما بين ارتفاع وانخفاض، ولكن ما يحتاجه الإنسان والكائنات الحية قدرًا مُحدَّدًا من الحرارة تكفي لعمل وظائف الجسم على النحو المطلوب.
ولكن هل خطر ببال أحدنا أن يتساءل: أيُّهما يؤثّر أكثر على صحة الإنسان؛ ارتفاع درجة الحرارة أم انخفاضها؟
في الواقع إنَّ ارتفاع درجة الحرارة يؤثّر أكثر من انخفاضها، وهو ما نلاحظه من قدرة الإنسان على استيطان الأماكن الباردة في شمال وجنوب الكرة الأرضية الباردة أكثر من المناطق الحارة على خط الاستواء.
وإنَّ ما يتحكَّم في استجابتنا لدرجات الحرارة والبرودة هو النواة الخارجية للمِهاد، وهو منطقة صغيرة جدًا من المخ وقريبة من مقدمة الرأس، وهو حسَّاس جدًا لمستويات الغلوكوز، وإذا تعرَّض هذا الجزء للتلف التام؛ فإنَّ المريض يعاني في تلك الحالة من انخفاض حرارة الجسم.
تتغيَّر درجة حرارة الجسم بشكل محدَّد، فتكون في قمَّتها قبل منتصف الليل بقليل، ثم تنخفض خلال الليل إلى حدها الأدنى في الصباح الباكر، ثمَّ ترتفع ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة بعد شروق الشمس، ويزداد ارتفاعها تدريجيًا خلال اليوم حتى تصل إلى أقصاها قُبيَل منتصف الليل.
وتؤثّر الرطوبة في الصيف على الإنسان، فعندما ترتفع درجة الحرارة والرطوبة النسبية؛ يشعر الإنسان بعدم الارتياح للجو المحيط به، إضافة للإحساس بلزوجة الجلد، وذلك بسبب عدم تبخّر العرق الذي يفرزه الجلد، لذلك تُستعمَل أجهزة التكييف صيفًا للتخلص من بخار الماء الموجود في الهواء. وفي الشتاء؛ يكون الهواء البارد داخل المبنى جافًّا، وتنخفض الرطوبة النسبية بشكل كبير، ولذلك تُستعمَل أجهزة الترطيب لنشر بخار الماء في الجو.
ثَمَّة مصطلحات محدَّدة تربط بين الحرارة وجسم الإنسان؛ ففي مجال العمارة البيئية، يُستعمَل مصطلح الراحة الحرارية، ليُشير إلى الحالة التي يشعر فيها الإنسان بارتياح ورضا فيما يتعلَّق بالبيئة الحرارية الموجود فيها، وبذلك يحدث انزعاج لدى الإنسان عندما ترتفع أو تنخفض درجات الحرارة عن حدود معيَّنة.
وفي مجال الأحياء؛ يُستعمَل المصطلحان: حار الدم، وبارد الدم، ويُصنَّف البشر أحيائيًا بأنَّهم من ذوي الدم الحار، إذ إن حرارة أجسامنا تبقى ثابتة طوال اليوم والسنة، ولا تتأثَّر بالوسط الخارجي، وقد نقول إنَّنا نشعر بالبرد شتاءً وبالحرّ صيفًا! ولكن في الحقيقة تكاد تكون درجة الحرارة نفسها دائمًا ما دمنا بصحة جيدة.
ماذا يحدث لأجسامنا عندما يكون الطقس حارًّا؟
تحدث أشياء كثيرة مختلفة: تبدأ الغدد العرقية بالإفراز، من خلال ترشيح الماء من الأوعية الدموية المحيطة بها، وعندما يتبخَّر العرق تنخفض حرارة الجسم. ويزداد مُعدَّل التنفس، فتزداد كمية الهواء الداخلة إلى الرئتين والخارجة منهما، وهو ما يؤدي إلى خفض حرارة الدم المُنتشر في مساحة داخلية كبيرة من الجسم. وينخفض مُعدَّل حركة الجسم، لأنَّ وضعيات السكون تقلّل من إنتاج الحرارة في الجسم.
قد لا يستطيع الإنسان أن يعيش طويلًا إذا هبطت درجة حرارة جسده عن 30.44 درجة مئوية، أو ارتفعت عن 37.77 درجة مئوية. وبطبيعة الحال، فإنَّ الجسم مُزَوّد بآليات لتنظيم حرارته بنفسه من خلال الأوعية الدموية والغدد العرقية، ولكن يستطيع تحمّل التبدلات القصوى في الحرارة لمدة زمنية محدودة.
ويتغيَّر مزاج الإنسان لمدى تعرّضه لضوء الشمس، إذ يغلب عليه الاكتئاب عندما لا يتعرَّض لضوء الشمس أكثر من ثلاث ساعات يوميًا، ويخفُّ اكتئابه عندما يحظى بستّ ساعات من ضوء الشمس في اليوم أو أكثر بحسب الشهر من السنة.
You must be logged in to post a comment.