كيف تتباين نسبة وفيات كورونا من دولة الى اخرى

هل تساءلت يوما كيف يمكننا ان نحسب معدل وفيات كورونا لدولة ما احصائيا ..

إن خير معيار نتبعه لهذه الغاية .. هو احصاء نسبة حالات الوفاة الى نسبة حالات الشفاء ..

وهذا يعني ببساطة .. ان نحسب لكل 100 اصابة انتهت :  كم حالة شفيت ؟ و كم حالة توفت ؟ 

 

وفقا لبيانات موقع worldometers

في دولة مثل كندا بلغت الوفيات 9000 مقابل 115000 حالة تم شفاؤها .. وبحساب النسبة المئوية للوفيات مقابل حالات الشفاء فإنها تبلغ 8% .حتى تاريخ  5/9/2020 

وهذا يعني حوالي 8 وفيات تقابل كل 100 حالة شفاء في كندا .

 

و ياللغرابة .. فهذه النسبة للوفيات تعتبر رقما كبيرا اذا علمنا انه في العراق مثلا تقع حوالي 4 حالات وفاة مقابل كل 100 حالة شفاء .

 

اما في دولة عُمان فإن النسبة هي اقل من 1% .. مما يعني ان بين كل 101 مصاب في عُمان ،  يشفى 100 و يتوفى 1 فقط .

 

والان ما رأيك ان تحاول تخمين نسبة الوفيات و الشفاء في فرنسا (المتطورة طبيا) ؟

هل انتهيت ؟

قد تصاب بالصدمة اذا علمت ان نسبة الوفاة الى الشفاء في فرنسا تقارب 35% ..  فمقابل كل 100 حالة شفاء هناك 35 حالة وفاة .

مما يعني تقريبا ان ربع المصابين بكورونا في فرنسا يموتون .

 

فما هي الاسباب لتباين نسبة الوفيات بهذا الشكل الغريب ؟

 

وهل نسبة الوفيات هي مقياس عادل للمستوى الطبي ؟ 

 

الاجابة طبعا هي (لا) .. وكل ما سبق هو مقدمة لدرس في النزاهة الاحصائية ..

لنستعرض الان ما هي العوامل القوية التي تحدد كم سيموت بالكورونا وكم سيشفى ..

1- التوزيع العمري للدولة : ففي دولة اغلبها من صغار السن (أي معدل انجاب عالي) كالعالم العربي، تحصل وفيات اقل بكثير من دولة معظم سكانها من كبار السن الضعيفين مناعيا كفرنسا . لأن صغار السن عادة ما يبدون مناعة أقوى و أعراضا أخف .

2- المستوى العلمي الطبي للدولة : ففي الدولة المتطورة طبيا كألمانيا تزيد احتمالات الشفاء حتى للحالات الصعبة .. بينما في الدول المتخلفة طبيا يزداد احتمال الوفاة حتى للحالات العادية.

3- الكوارث و الحروب : بين كل 7 حالات كورونا في سوريا و اليمن .. يموت واحد و يشفى 6 .. وذلك لعدم توفرالمستوى البسيط من الرعاية الطبية لمعظم الناس مما يجعل حتى الاصابات المتواضعة مهددة بخطرالموت.

4- اقتصاد الدولة : الدولة التي تمتلك اقتصادا قويا وشعبا غنيا ستستطيع تأمين احتياجات مرضاها المصابين حتى الشفاء.. و العكس صحيح. ففي قطرالدولة الغنية (رغم التفشي الهائل للفايروس) يتوفى واحد فقط من كل 500 مصاب.. ويشفى الباقون !

5- مستوى التفشي للمرض :في أكثر الدول تطورا في الطب و اقواها اقتصادا، ماذا سيحصل عندما تصبح أعداد المصابين أكبر من الطاقة الاستيعابية لمستشفياتها ، فلا يجدون سريرا يستقبلهم ؟ نعم سيبقون على ابواب المستشفيات المتخمة وتتفاقم حالتهم حتى الوفاة وستجد تصاعدا دراماتيكيا في الوفيات . بينما  ينجو امثال هؤلاء في دولة لم يتفشى فيها المرض ويملأ أسرتها بالكامل. لذلك تسعى بعض الدول الى ضبط معدلات الاصابة بحيث لا تتجاوز طاقتها العلاجية لئلا تحصل لمرحلة مأساة العجز الاستيعابي . 

6- النمط الاجتماعي ومستوى الصحة العامة : لماذا شفي المصابون الفلسطينيون بثلاثة اضعاف اعداد شفاء اللبنانيين مع نفس العدد من الوفيات ؟ يمكن تفسير   ذلك بنوعية الحياة على كل جهة. ففي الجهة الفلسطينية نجد نمط غذائي اكثر طبيعية .. بينما نجد في الجانب اللبناني نمط حياة اكثر تعقيما . وهذا التفاوت في السلوك الاجتماعي قد يترجم الى تباين في المستوى المناعي والصحة العامة.                                     

ان تلك التركيبة المعقدة من العوامل (والتي قد لا اكون ألممت بها جميعا ) وتفاعلها معا .. هي ما يعكس مدى النجاعة الشفائية للدولة . والتقصي الدقيق لهذه العوامل هو ما يفسر منطقيا نتائج كل دولة في مكافحة المرض .

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
أبريل ١٨, ٢٠٢٣, ٣:٥١ م - Aya Mohammed
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٢٣ م - Abdallah
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Rasha
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٠ م - Areej Alfateh Salah Aldien
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٢ م - ملك حمدي
About Author