من دون شك و لا ريب ، فأبناءنا هم فلذات أكبادنا ونور أعين كثير من الأباء و الأمهات ، و الكل يسعى حسب طريقته وحسب قدرته لكي يجعل منهم رجالا قادرين على احسن تقلبات الدنيا و مكرها وما تزخر به من مفاجئات .
هذا الحرص على جعل الأبناء في أسمى المراتب يتجسد أحيانا في شكل خوف ، خوف عليهم من كل شيئ ، مما قد يعيق من نمو شخصيتهم على المدى البعيد . يقول مثلا لطالما يردده خبراء علم النفس السلوكي : " إن الخوف من حدوث الشيئ ، يؤدي إلى حدوثه " . فتجد الأم تخاف على طفلها من كل شيئ ، حتى من خياله أحيانا ، مما يجعلها تقرر في مكانه ، فتختار له و ترفض، وذلك دون حضور ذاته ، دون حضور كينونته التي من الضروري أن تنمو ، و لن تنمو إلا بالمحاولة و الخطأ كما أكد على ذلك خبراء علوم التربية ، أ ليس من الخطأ نتعلم ؟
الخوف على الأبناء واجب ، لكن تشجيعهم على الإختيار و المغامرة أشد وجوبا ، وذلك لبناء طفل ذو شخصية متزنة و مسؤولة وقادرة على تحمل مشقة الحياة و تقلباتها ، الشخصية كالجسد . فهي تنمو بالعمل المستمر وبتراكم الأخطاء و العمل على تجاوزها . لذلك فالخوف كثيرا على الطفل لن يكون إلا عاملا من إحدى العوامل التي تشجع الطفل على ضرب ثقته في نفسه ، و بالتالي التشكيك في قدراته و توازنه النفسي و السيكولوجي .
إن الحرص على الأطفال في زمننا هذا واجب ، لكن دعمهم من أجل المغامرة ولو في أبسط الأمور فهو مهم جدا لتعزيز ثقة الطفل في نفسه ، فالأشياء البسيطة التي قد لا نعير لها إهتماما هي التي في غالب الأحيان تكون أشد أهمية . لذلك فتعزيز ثقة الطفل بنفسه و تنمية روح الإستقلالية و المغامرة لديه رهين بجعله يختار ، بجعله يغامر .
You must be logged in to post a comment.