كيفَ تخسرُ صديقَك بسهولة؟

كيفَ تخسرُ صديقَك بسهولة؟

ياسر ذيب أبو شعيرة

 

قد يبدو عنوانُ المقالِ من الوهلةِ الأولى أنَّه دعوةٌ إلى خسارةِ الأصدقاء، وأنَّ المقالَ سيقدمُ لك أسهلَ الطرقِ وأفضلَها لإنهاءِ علاقةٍ معَ صديقٍ، أو التخلصِ منهُ مدى الحياة.

لكنَّ الأمرَ ليس كذلكَ يا صديقي؛ بل إنَّها دعوةٌ للتعرفِ إلى أسهلِ الطرقِ للإبقاءِ على الصداقةِ ودوامهِا، وتعزيزِ أواصرِ المحبةِ، وشدِّ عُرى الاحترامِ والتقديرِ بينَ الأصدقاء.

يعدُّ الاهتمامُ من أكثرِ وسائلِ المحافظةِ على الصداقة، فبهِ تزدادُ الصداقةُ متانةً، وتنمو بذورُ المحبة، وترتفعُ أسهمُ الاحترام. إنَّ من معاني اهتمامِك بصديقِك أن تُبقي حبالَ التواصلِ ممدودةً بينكما وإنْ بعُدتِ المسافاتُ، أو زادت الانشغالاتُ، أو صعُبَ اللقاءُ لظرفٍ ما، أو تعسِّرتِ الزيارة، فإنَّ دوامَ الحالِ من المحالِ.

بادرْ يا صديقي بالسؤالِ، واتصلْ بالهاتفِ، وأرسلْ رسائلَك عبرَ وسائل التواصلِ، فربَّ رسالةٍ قصيرةٍ، أذابتْ جبالًا من جليدِ الجفوةِ، وأجرتْ أنهارًا من رقيقِ المحبةِ والألفة. فقدْ يغفلُ صديقُك عنكَ يومًا أو يومين لأيِّ سببٍ، وقد يغيبُ أو يختفي في زحمةِ الحياةِ ومشاغلِها، فكنْ أنتَ بلسمَ الشفاءِ، وصاحبَ المبادرة، فإنِّ خيرَهما الذي يبدأُ بالسلام.

والتمسْ للصديقِ العذرَ، سيَّما وإنْ كنتَ تعلمُ مقدارَ حبِّه لك، واعتزازهِ وتقديرهِ لصداقتِكما، لإنكَ إنْ عذرتَه اليومَ، كسبتَه غدًا، فربَّما تخطئ، فيصفحُ عنكَ، أو تغيبُ، فيسألُ عنك.

 ولا تكثرْ من اللومِ والعتاب، فإنَّ كثرةَ العتاب تزيدُ الجفوة، وتجعلُ القلوبَ اللينة قاسيةً، فالنفسُ مجبولةٌ على إكرامِها، لا على الاستهانةِ بها وإذلالِها. وكنْ دائمًا على مقربةٍ منه ولو باتصالٍ هاتفيٍّ، فإنَّك بذلك تنالُ احترامَه، وتكتبُ سطرًا جديدًا في سجلِ المحبةِ والوفاءِ.

قالَ الشاعرُ:

إذا كُنتَ في كُلِّ الأمورِ مُعاتِبًا صَديقَكَ لَمْ تَلقَ الذي لا تُعاتِبُه

فَعِشْ واحِدًا أو صِلْ أخاكَ فإنَّهُ   مُقارِفُ ذَنبٍ مَرَّةً ومُجانِبُه

إذا أنتَ لَمْ تَشرَبْ مِرارًا على القَذى  ظمئتَ وأيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

فإذا استمرَّ الإنسانُ يَلومُ صديقَهُ دائمًا، فسوفَ يبقى وحيدًا من دون صديقٍ، فإمّا أن تعيشَ وتَتجَرع مَرارةَ الوَحدة، أو تعيشَ معَ صديقك بما فيه من النقصِ والزللِ؛ لأنَّ النقصَ سمةُ البشر، ومنْ منّا يا صديقي ليسَ فيه نقصٌ، أو به عيبٌ. إنَّ الكمالَ للهِ وحدَه سبحانَه وتعالى.

 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad