جلس على كرسيه المعتاد كرسي مهيب صنع من عظام ضحاياه على رأسه جمجمة ترى في الصخر الأصم حياة أكثر منها و على ظهره أشواك مسننة تشبه معاطف فنانين الميتال هكذا رسمناه في مخيلتنا الدنيوية بعبائة سوداء تضم بين جنبيها بقايا أرواح الموتى و منجلٌ يقطر دماً قاتم و على كتفه غراب يبث الرعب في القلوب، أدار قرصاُ موسيقيا لأحد ضحاياه السمفونية التاسعة ل بيتهوفن أو كما تلقب "معزوفة الشيطان" ملائمة لحديث الليلة و قال بصوت بارد و عميق تشعر عند سماعه بأن سعادة الأرض قد زالت إن وجدت بالأصل ! قال : أكتب اليوم و محبرتي مليئة بالدماء فالذي ستقدمون على قرائته لا يتحمله الحبر العادي و سأجعل لرسالتي هذه أربعة ريش تحكي قصتها إرتفعت الريشة الأولى و نزلت في الدم حتى تشبّعت به و كتبت حيث مات هابيل : كنت في أول الخلق ريشة على جناح غراب سيذكر في الكتب السماوية بعد أمد طويل من هذه الحادثة ، في سماء وادٍ غير ذي زرع شهدت أول حادثة نزع للروح على سطح الأرض كان الموت ثالث إثنين من أبناء آدم رأيته كيف تمثل على شكل صخرة أطاحت برأس هابيل حين قام الغراب الذي كان يحملني بتعليم قاتله الدفن سقطت من جناحه و رقدت بجانبه بجانب أول جثة بشرية على الأرض توقفت الريشة عن الكتابة بسبب تنهيدة من زمهرير أطلقها الموت .
إرتفعت الريشة الثانية و نزلت بالدم حتى تشبّعت به و كتبت : عندما وقعت ريشة الغراب وقع بعدها غريزة القتل في الإنسان فكل روح تقتل يحمل خطيئتها أول قاتل و سال الدم بصعوبة و يتحمل خطيئتها الموت ثم استرسلت لكنني ريشة نسر فأنا يا قراء وقعت من رأس نسر رسمت صورته على معظم ميليشيات طواغيت العرب فعندما توجهت لنزع أرواحهم ذبل النسر و سقطت من رأسه بجانب منزل مهدوم كان تحت سقفه عائلة تضم رضيعين و فتاتين و شابين و أباً و أمْ ماتوا بطائرات ولي الأمر تنهد الموت و توقفت الريشة الثانية عن الكتابة .
تعلوا النغمات و تحتدم و يظهر الرجيم بجانب الموت يتأمل بسخرية مفعول وساويسه التي تحملها الموت منذ بدأ الخلق سكن الإثنان يتأملان الريشة الثالثة ترتفع تنغمر بالدم حتى تتشبع به و تسترسل كاتبة على جدار بيت مهدد بالهدم : عندما بدأ البشر بالتكاثر كان من أقوامهم قوم فاسق سيذكر في الكتب السماوية بعد أمد طويل أنا ريشة بني إسرائيل سقطت من ظهر لوسيفر إله النور كما يسمونه و يعبدونه لكني عندما سقطت مررت من خلال عبائة الموت فتلفحت بأفعاله يفتخر بي صاحبي إذ أن قومي قتلوا الرسل و الأنبياء و عاثوا في الأرض فسادا و هم الآن تحت المسجد الأقصى حيث استخرجوا كتب سحرهم و شعوذتهم و يستعدون لجعل بيوت السكان مستوطنات لعبدة الشيطان توقف اللحن و اختفى معه الرجيم بابتسامة خبيثة طبعت على وجه القبيح ، مع كل ريشة تكتب يكبر الموت ألف سنة و يذبل الغراب على كتفه ..
قد تكون الريشة الرابعة نهايتي و بنهايتي لن ينجوا بني آدم من الموت فموتكم محتوم فأقصد بنهايتي هنا نهايتكم و اقتراب أجلكم ، ترتفع الريشة الرابعة و تسحب ما تبقى من دماء في المحبرة حتى آخر قطرة مع دمعة قد ذرفها الغراب المرعب من هول ما كُتب تقول الريشة الأخيرة: لم أتوقع يوماً أن أكون و توقفت قليلا ثم استرسلت أن أكون من ضحايا الموت فعندما منع الإسلام ما كان في عادات الجاهلية من دفن المرأة توقعت أني سأندثر للأبد لكن للموت و للشيطان الماكر رأي آخر أنا ريشة حمامة بيضاء ف معظم الضحايا اللاتي أكتب قصتهن نساء في مقتبل العمر و ريعانه كنت قد صُبغت بالدماء منذ سويعات قليلة عشت ثلاث عشر عاماً في بلد لم تعرف الهناء آخر عشر سنوات منها و قتلت اليوم على يد إخوتي بسبب رفضي للزواج أنا ريشة ضحايا الشرف و التعنيف الأُسري .
هُنا تنتهي رسالتي في اللحظة التي أفلت المنجل مني ضارباً عنقي مريحاً إياي من أرواح قد تحملتها كل هذا الدهر في حين أن غرابي طار بعيداً ليرمي ريشة تعيد خلق موت جديد سيقعد معقدي هذا بعد عدد لا بأس به من الضحايا مضروب العنوق فوق رسائل كُتبت بالدماء.
You must be logged in to post a comment.