لا تكن كالكُسعي

لا تكن كالكُسعي

قد قيل في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، نعم نحن في عصر السرعة، ولكن ليس كل شيء في حياتنا يجب أن يكون بسرعة، حيث أن التسرع باتخاذ القرارات أخطر من أي خطر محدق، عدم التفكير واللامبالاة والتصرفات العشوائية قد تؤدي بك إلى الهاوية، وإليكم هذه القصة القصيرة والتي من خلالها سنعرف كيف أن التسرع يؤدي إلى النهاية.

في قديم الزمان كان هناك صياداً من أمهر الصيادين يسمى الكسعي، وهو أبرع من يصيد الغزلان، وتعود براعته لقوسه الفريد من أفخم أنواع الخشب لين وصلب في ذات الوقت، وتره قوي ولا ينقطع، ما خاب سهمه أبداً، بسرعة البرق يخطف أرواح الغزلان.

في ذات يوم ملبد بالغيوم ولا قمر ولا نجوم، ليل حالك كئيب خرح الكسعي للصيد، وجد الكسعي في منطقة في أحد الغابات عدد كبير من الغزلان، كان الكعسي يحدد فريسته من لمعان عيونها، شد وتره وانطلق سهمه نحو الغزال الأول إذ به يرتطم بالصخور ومن قوة الارتطام يخرج الشرار من احتكاك السهم بالصخور، استغرب الكسعي من خيبته، ثم أرسل سهماً  آخر، وكذلك يرتطم بالصخور محدثاً الشرار، وكذلك السهم الثالث والسهم الرابع والخامس، وبقي على هذا الحال، حتى غضب وثار من فشله الذريع، ثم قام بكسر قوسه وقطع وتره ورماه على الأرض من شدة الغضب، وجلس عند الصخرة حتى الصباح.

جاء الفجر وبزغت الشمس وذهب الظلام، كانت الصدمة الكبرى عدد كبير من الغزلان اخترقتها أسهم الكسعي ومن شدة حدة الأسهم كانت تخترق الغزلان وتخرج من الناحية الثانية وترتطم بالصخور، حتى ظن بأنه لم ينجح.

وحينها حزن الكسعي وندم أشد الندم على تسرعه في كسر قوسه، أخذ قوسه وجمع الغزلان وغادر المكان وهو يبكي قلة صبره وتسرعه في اختيار ليلة حالكة للصيد، وعاد إلى قريته مكسور الخاطر على فقدان قوسه الفريد؛ لذلك يا أصدقاء أنصحكم بالتأني في كافة أمور حياتكم، لا تغضب، لا تفقد صبرك، لا تأخذ الأمور بتسرع، لا تكن كالكُسعي، حتى لا تنالون عقابه وتندمون أشد الندم.