ما أقتلَ الخوفَ!
"لا يمكنك هزيمتي فأنا أنفق ثلاثين ألف رجل في الشهر" : هذه العبارة الأثيرة التي قالها نابليون - أحد أعظم القادة العسكريين على مر التاريخ - تؤكد إيمانه المطلق بأن الانتصار في المعارك يعتمد في المقام الأول والأخير على الاستعدادات العسكرية، وأنه كلما كان نصيب الجيش منها أكبر كانت فرصته في الانتصار أكثر.
لكن ولسبب ما يبدو أن التاريخ يأبى إلا أن يسجل الاستثناءات والخروقات لكل مقولة يبتغى تقعيدها وتعميمها، بحيث تصبح القاعدة الأكثر عمومية في مقابل ذلك هي (لكل قاعدة شواذ)، الشاذ هنا هو أن ينتصر الجيش قليل العدد والعدة، ولكن هل حدث ذلك فعلاً؟ الجواب هو نعم
ﻳﺬﻛﺮ التاريخ فيما يذكر ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﺻﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺩﺭﺍﻛﻴﻮﻻ ﺃﻭ ﻓﻼﺩ ﺍﻟﻤﺨﻮﺯﻕ (كما يحلو لبعض المؤرّخين تسميته)، ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴّﻠﻄﺎﻥ ﻣﺤﻤّﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﻤﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ) ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒاً ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ كانت تقﻀﻲ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ، إذ كان هذا الأخير يفوق ﻳﻔﻮق ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ في العدد ﺑﺜﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺏّ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﻭﺍﻻﺷﻴﺎ (ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ)، ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻭﺍ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺩﺭﺍﻛﻴﻮﻻ ﻭﻗﺎﻡ ﺑخوزقتهم (والخازوق هو عبارة عن حديدة مدبّبة الرّأس يعلّق عليها الضحيّة من فتحة الشّرج ويستمر معلقا على هذه الحال حتى يموت)، ﺭﺃﻭﺍ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﺟﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ، ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﺍﻟﻤتعفّنة، أنهاراً من الﺩﻣﺎﺀ ﻭالأﺷﻼﺀ، ﻓﺎﻧسحبوا خائفين ﻭﺭﺟﻊ ﻣﺤﻤّﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺟﻴﺸﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻳﺠﺮّﻭﻥ ﺃﺫﻳﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺨﺰﻱ، ﻭﺍﻧﺘﺼﺮ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ!
الصّورة في الأعلى هي عبارة عن لوحة زيتية لدراكيولا أو فلاد الوالاشي أو فلاد المخوزق (وله عدة أسماء أخر). يجدر التنبيه إلى أن هذه الشخصية هي التي أوحت للكاتب الايرلندي برام ستوكر بإبداع روايته الخيالية الكونت دراكيولا (مصاص الدماء) في عام 1847
You must be logged in to post a comment.