في جائحة كورونا وجدت أن أكثر ما اثر نفسياً على الناس من حولي هو تأقلمهم مع فكرة أن يحجروا في بيوتهم بلا حول لهم ولا قوة،طبيعتنا البشريه الصبيانيه تأبى فكرة أن نرغم على شيء بدون إبداء الرفض وعدم الرضا ونحاول أن نعاند كل ما هو حولنا.
في بداية الأمر كان هناك من رفض فكرة وجود فيروس لعين يستولي على حريته وحاول اقتلاعها من جذورها وطالب الآخرين بالخروج واللامبالاة والتصدي للاوهام وبعد ازدياد الحالات وتزعزع أمننا ظهر ذلك الطفل الشقي داخلنا محاولاً ان يضرب كل النصائح والتحذيرات عرض الحائط والخروج ومجابهة الموت بملئ ذراعيه ،ثم بدأنا نلعن كورونا ونوصفه بأبشع الصفات على مواقع التواصل ونهدد ونتوعد علّه يستسلم ويرفع راياته البيضاء.
وما استنتجته هو أن كل ممنوع مرغوب وطبيعة الإنسان تحب كل ما هو مرفوض لتثبت لنفسها انها حرة بالرغم من كل وسوسات نفسها الأمارة بالسوء بأنها قد فقدت حريتها منذ زمن طويل ، فلم نختر جامعاتنا ولا تخصصاتنا ولا اصدقائنا ولا حتى اسمائنا و أهالينا ، وأتى هذا الفيروس الصغير لنخرج غضبنا عليه ونتصدى له بكل قوتنا لعل وعسى أن نكسب حرية الاختيار ونفوز بالتحدي مرةً في هذا العمر لنجد مغامرةً نقصها على اولادنا واحفادنا .
كم ننتظر بعد لنفهم الواقع الذي اصبحنا نعيشه وكم رقماً جديداً من الإصابات والوفيات نحتاج لنفهم أننا لسنا نداً لكورونا ولن نستطيع تحمل تبعات عنادنا ولا مبالاة البعض منا.
كم كنت اتمنى لو كانت تلك معركتنا الرابحة لكن خسرنا الكثير و سنخسر ما هو أعظم إذا لم نعلم أنه لا ناقة لنا ولا جمل في هذه المعركه فلنبتعد ولنعلن الهدنه ونحمي ارواحنا وارواح أحبتنا فلا تستهينوا بقوة عدوكم ولا تزيدوا خسائركم فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية من حولك.
You must be logged in to post a comment.