ما وراء الموت والحياة ...

قبل أن يطرز قلمي أي شيء على القرطاس لا بد أن أبث لك شيئا بعيدا قليلا عن جدية وجديد المقال: "من مشهور التراث العراقي العريق "ملحمة جلجامش" والملحمة هذه تلخيصها أو أهم فقرة فيها أن أحد أبطال الملحمة الشعرية العريقة :"انكيدو" زار الحكيم "اوتنابشيم" -وهو الناجي من الطوفان العظيم ويعتقد أنه مخلد في الحياة- فبعد رحلة صعبة يبحث فيها عن أكسير الحياة ليصل لحكمة كبيرة ضخمة:"لن تصنع شيئا إن بقيت في هذه الحياة لكن اصنع شيئا هو الذي يخلدك في هذه الحياة" 

 

كأن هناك شيء في عمق الثقافة الإنسانية الغائرة في المحيط القديم أن هناك شيء لا بد أن يكون على يد هذه الإنسانية الحائرة وإلا غرقت في تيه من الضلال والنسيان، نعم هذا هو الذي خلق الله الإنسان له بمعنى خلافته فقال: "إني جاعل في الأرض خليفة" ...

 

إن حياتك لنفسك حياة تحسب ساعاتها بميلادك وتنتهي بوفاتك لكن حياة تعيشها لغيرك ومن أجل أن تصنع شيئا للحياة فهي ميلاد البشر كلهم معك، بل هو ميلادك آلاف المرات، إن روح الله التي بثها في خلقه بملكه الذاتي تتلمس بها أن الخلق عيال الله فلا تحتقر أحدا منهم، وتتوائم وتتآخى معهم لهي مسلك الحياة الدافئة الهانئة، لست هنا تعيش لتسعد غيرك بل تعيش وترى في كل منهم لمسات الخالق وإبداعه فيما خلق، ورحمته حينما تدب عليك فترحم خلقه وتتعبد الرحمن برحمته...

 

إن سر الحياة بما تقدمه وسر الموت بما قدمته وما بين الموت والحياة أن السعادة أو الحزن ليست قرينة أي منهما إن فهمنا المقصد والمنطلق... إن هذه الأرض الصغيرة تفضل ربنا عليها لينظر لهذا الكائن المسمى بالإنسان فنظر إليه نظرة الكرامة والمحبة والعطف فأكرمه بهذا الدين! فمن أكرم بمثل هذا الكرم وكان محل النظرة الإلهية فما عليك إلا أن تعامله بما يحبه الله له.

 

في الحياة أشرار نعم ولكن ما الشر؟ وما مفهومه؟ إنه وليد الحياة وصعوبتها ولم يولد الشر مع البشر ولم يكن مختزلا في بشريتهم إنما هي رواسب صلبة تكونت من مشاق وأغلال الحياة، فكل ما اقتربت من خلق الله أكثر وجدت ساحة الشر تزول عنك وكلما عطفت على فقير أو لمست رأس يتيم أو نظرت إلي عيني عجوز، قل في نفسك حب الذات وتفرد الشر وبدأت تصعد في سمو ورقي إلى خلق الله...

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author