محمد صبحي .. ليتك ابي

(محمد صبحي ليتك ابي) هذا ما اردده دائما كلما رأيت مشهدا من مشاهده ، كيف لا اتمنى ذلك وهو يجسد الابوة الحقة والتعامل الجميل مع اسرته ، اقول ذلك تحديدا عند مشاهدتي لمسلسله (يوميات ونيس) ، فهذا العمل يجعلني اعيش في جو عائلي خيالي حُرمت منه في واقعي ، فواقعي مشتت وما اراه بنيان شيده الاب والام وتعبا في جعله شامخا دون ان تؤثر المشاكل فيه .

من اين ابدأ؟ وكيف انتهي واين؟ فعندما تعيش في بيئة مشتتة عندها لا تعرف كيف ترص الكلمات لتعبر عما في داخلك ، لكن سأحاول الوصف قدر الامكان وسأبدأ من زواج والدي لي .

كمثل اي شخصان التقى والدي وتزوجا وما ان حملت امي بي حتى تغير ابي واصبح كأنه شخصا اخر او كأنه ممثل ادى دوره وانتهى الدور الان ، وازداد بغضا لامي دون سبب واصبح يضربها ليقتل جنينها ، لكن شاء الله ووضعتني امي سالمة وظنت ان حظوري سيصلحه لكن ما حصل هو انه زاد سوءا واخبر امي انه يريد اعطائي لعائلة ليتبنوني ، تخيل ان تحمل طفلا في احشائك تسعة شهور ويأتي احد يأخذه منك .

لم تستطع امي البقاء معه وطلبت الطلاق وبعد الانفصال اكملت دراستها وكانت تضعني عند جارتها مرة وعند خالتها مرة اخرى وهكذا حتى اكملت سنوات الجامعة ، كانت تحيك الثياب وتتقن التطريز وتعمل الكيك لتأمين احتياجاتي ، وبعدها حصلت على وظيفتها وظنت ان امورها تتجه نحو الخير لكن لم تدري انها عالقة في طريق صعب لا ينتهي بسرعة .

استمرت والدتي بالعناية بي حتى اكملت مرحلة الاعدادية ، كان عمري ستة عشر عاما ، اكملت تلك السنين لم ينقصني شيء فامي كانت الاب والام .

اكملت الاعدادية بيسر لان امي لازمتني في كل شيء لكن جدي لم يرحمنا ، زوجها ليتخلص منها واعادني لوالدي الذي رفض مقابلتي ، رفضت امي الزواج لكنه هددها مرارا وتكرارا فقبلت ، لم انس نظراتها وهي تبتعد عني وكأنها تعتذر عما فعلته رغم انها مرغمة .

ذهبت لابي وعشت معه وهنا كان علي التعايش مع رجل غريب لم اره الا في الصور وان اظهر حبي له ، كنت اكرهه بشدة وما ان عشت معه حتى كرهته اكثر فلم يكن ابا حقيقيا ، بل كان عدوا يتحين الفرص كي يقضي على ما تبقى مني ، فما فعله انه اجبرني على ترك الدراسة ومنعني من رؤية امي ، لم اكن اراها الا كل عدة شهور ، حتى الاكل كان يمنعني مما احب ويجبرني على تناول ما يريده وعندما اخبرت امي في اول لقاء لي معها بعد افتراقنا عن تركي للدراسة وعن المشاكل التي واجهتها بكت كثيرا وذهبت.

مر اسبوع حتى اتتني امي وهي محملة بالاطعمة طبختها هي ، واصبحت تأتي كل يوم دون علم احد حتى زوجها لم يكن يعلم وكذلك ابي لم يكن يعلم ، كانت تذهب لوظيفتها في الصباح ثم تستأذن للخروج وتأتي لي ولحسن الحظ ان ابي كان موظفا في منطقة بعيدة ، كانت امي تجلب لي خيوط الصوف وتعلمني الحياكة لمدة خمس او عشر دقائق ،واستمر الوضع هكذا واصبحت احيك المفارش والثياب وغيرها ، كانت امي تقول لي اصبري لاني اخطط لك ، وبعد ان مرت خمس سنوات على هذا الوضع اخذتني امي وقدمت لي لاكمل دراستي وعندما قبلوا ملفي اخبرت والدي فابرحني ضربا ، بالوقت نفسه كانت امي تبني بيتا لنا لانها كانت تعمل اكثر من عمل اضافة لراتبها الشهري ، وهكذا استطعت اجتمع مع امي في بيتنا الجديد لكن زوجها رفض وجودي وخيرها بيني وبينه فاختارتني .

وبعدها اصبحت اعمل معها حتى استطعنا الوقوف من جديد واكملت المرحلة الاولى في الجامعة، لكن الموت اتى واخذ مني امي وهي في عمر الثامن والاربعين ، وبعدها عدت من جديد لاعيش مع ابي وحتى يومي هذا اعيش معه وانا اواصل دراستي واعمل بعدة اعمال واحاول التغلب على المشاكل .

لهذا دائما ارى ان محمد صبحي مثال للاب الحنون وكم اتمنى ان ارى اسرته الحقيقية وكم اغبطهم لما لديهم من نعمة وكم اتمنى اللقاء به .

واحمد الله لانه اعطاني هذه الام الصالحة الحنونة القوية ، فهي مثالي الاعلى دائما وابدا.

شكرا لك بابا محمد صبحي لانك السبب في عدم كرهي للآباء فلولاك لكنت الان ممن يكرهن الآباء جميعا دون استثناء.

دمت لنا انسانا رائعا وابا مثاليا غاليا .

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author