مظاهر تعرّض الأمة الإسلامية للغزو الثقافي الغربي
تُعرف الثقافة بأنّها مجموعة المعارف والعلوم التي تؤثر في الحضارة البشرية، ولما جاء الإسلام وسّع مدلول هذه الكلمة؛ حيث إنّه يعني إدراك جميع المفاهيم الإسلامية لجميع جوانب الحياة المختلفة، ويعد مصطلح الثقافة من أْكثر المصطلحات شيوعاً في مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية، ويعيش العالم الإسلامي غربة ثقافية؛ إذ يواجه تحديات كبيرة بعدما تعرّض لموجةٍ من الهجمات المدبرة والمخططة والمدروسة والتي ترتّب عليها غزو فكري واقتصادي واجتماعي، فضلًا عن أكثرها خطورةً وهو الغزو الفكري والثقافي.
ومعنى كلمة الغزو في اللغة تعني السير إلى قتال الأعداء في ديارهم وانتهابهم وقهرهم والتغلّب عليهم، ويقصد بها في الاصطلاح: العمل على خلق عقيدة جديدة عند المسلمين تعتمد على تصورات الفكر الغربي في الحياة والإنسان والكون، وممّا ساعد على الغزو الثقافي أنّ بعض المسلمين في عصرنا الحاضر في أردأ أحوالهم الثقافية والاجتماعية، وقد بلغ التخلّف كل مناحي الحياة، وفي أحطّ أنواع التردي الفكري والخلقي، فقد شاعت فيهم النزعة السلبية والأنانية وماتت الروح الجماعية في الأمّة.
وكلمة الغزو الثقافي تتداول في العصر الحاضر ولم تعرف في العصور السابقة، فلقد بُلي هذا العصر بأنواع عدّة من الغزو من العسكري إلى الاقتصادي إلى الثقافي، لكن هذا الأسلوب واللون من الغزو لا يأخذ الطابع المباشر، بل يأخذ طابع التحريف وتخريب العقول، وهدفه أن تظلّ الشعوب ضعيفة وخاضعة للقوى المعادية، والمراد أن تتبنّى أمة من الأمم معتقدات وأفكار ورؤى أمة أخرى بعيدة عنها ثقافيًا ودينيًا فيتمّ تشويه مناهج تعليمها، ويُصطنع حاجز بينها وبين سلفها وتاريخها ولغتها، فالثقافة هي العمود الفقري لهذه الأمة؛ وهي الهويّة التي نستمد منها شرعيتنا، وهي قضية متشعبة يجب الحفاظ عليها. فالغرب عندما غزا الأمة الإسلامية بمختلف أنواع الغزو، لا عجب أن ينتصر إذا كان في حالة قوة؛ والمسلمون في حالة ضعف وفتور، فالّديانات التي في العالم كالبوذية والمجوسية لا يخشونها؛ لأنها ديانات قومية لا تخرج خارج إطارها الجغرافي والقوميّ، وليس لها طموح في امتدادها، أمّا الإسلام فهو ُـ كما يسمّونه ـ دين زاحف متحرك، وهو يمتد بنفسه بلا أيّة قوّة مساعدة، وله قوّة ذاتية تنبع من داخله على الرغم من أنّه يمر بمرحلة ضعف وفتور، وهذا هو وجه الخطر الدقيقي من وجهة نظرهم؛ ولهذا وجب عليهم الاحتراس منه ومقاومته، ومن هنا أدرك الغرب أن من يمتلك القيم والأخلاق يمتلك النصر، ويتمكّن في الصمود، وهذا هو سرّ الهجمة الشرسة على المسلمين، وإلّا فالمسلمون ليسوا أغنياء إذا ما قورنوا بالغرب، فميزانية شركة جنرال موتورز الأمريكية تعادل ميزانية العديد من الدول الإسلامية، والمسلمون في مجال التكنولوجيا يقفون في آخر الطابور، ومع هذا يصنفون من قبل الغرب على أنهم العدو الأول؛ لأنّ القيم السامية هي التي تحفظ للأمة وزنها واستقامتها.
فمن أهمّ مظاهر هذا الغزو الثقافي كما يأتي:
1- التركيز على الحياة الدنيوية والبعد عن الدين والانشغال بالأمور الماديّة.
2- تدمير الأخلاق وما تحمله من قيم وانقياد الشباب نحو الفساد.
3- التشكيك في أحكام الإسلام التي اعتبرها مقيّدة وأنها غير قادرة على مساعدة المسلمين.
4- جعل المسلمين يشعرون بحالة من الإحباط ليتمّ إطفاء الروح الثوريّة التي بداخلهم وإبعادهم عن المناصب وبالأخص رجال الدين.
5- العمل على نشر الفروقات الطائفية والعرقية والقومية بين الشعوب الإسلامية.
6- تقديم تفسيرات مختلفة للقرآن الكريم من أجل وضع الشكوك حول صدق القرآن الكريم وجعل المسلم في حيرة من أمره.
7- اتّهام الإسلام وأحكامه بالرجعيّة والتخلّف.
8- بما في ذلك، أن يتمّ وضع صورة تقول بأنّ الإسلام الحنيف دين همجيّ وإجراميّ وهو عكس ذلك.
المراجع:
1- الثقافة الإسلامية، الطبعة السادسة، 2019م، دار الحامد للنشر والتوزيع.
You must be logged in to post a comment.