نشوة النجاح بين الرحلة والوصول


كثيرٌ منا يحلمُ ويفكّرُ ويخططُ للوصول إلى هدفه الذي وضعه نصبَ عينيه، يجدُّ ويجتهدُ ويبذلُ كل ما لديه في سبيل تحقيقه، يختار اتجاهاً ويمضي قدماً فيه بثباتٍ وعزيمة وإصرار..
وبالطبع تتفاوت الأهداف بتفاوتِ العقول، فمنا مَن هدفه أن يصبح مليونير، ومنا من هدفه أن يتزوج ويؤسس أسرة أو أن يتعين في منصبٍ ما أو أن يحصل على شهادة، ومنا من يكن هدفه إرضاء الله سبحانه وتعالى، وكلما كان الهدفُ أسمى كلما ارتفع بصاحبه قيمةً ومنزلةً.

فأهدافنا في الحياة ليس لها حصرٌ ولا حد وكلما جرت بنا السنين كلما ازداد حجم أحلامنا وعَظُمت طموحاتنا وأهدافنا وكلما حققنا هدف سرعانَ ما يتبعه حلم وهدف آخر.. ويا لبؤسِ من لا يملك هدف أو خطة بيّنة يسير على هُداها في زحمةِ الحياة وفوضاها، يعيش ليأكل ويشرب وينام، حياةٌ يسودها السأم والكآبة لا قيمةَ لتتابعِ الأيام فيها إلا مزيداً من الضياع والتشتت وكما قال فيدور دوستويفسكي: "سر الوجود البشري ليس في البقاء حياً، بل في إيجاد ما تعيش لأجله". فبامتلاكنا رؤية واضحة وجلية لحياتنا نكسبها أحقيتها وأهميتها في العيش ويصبح لها معنى ويغدو المضي في أي شيءٍ فيها أمتع وأسهل.

جميعنا قادر على إحداث تغييرات جذرية في حياته إذا ما حددنا هدفاً وسعينا له سعي المتيقن بتحقيقه، ولكن ليست الغاية من كل هذا أن نضع هدفاً وحسب، فكما أسلفت الذكر قليلٌ منا مَنْ ليس لديه هدف ووجهة تسيّر حياته بأكملها، وإنما العبرة برحلتنا للوصول إليه وما يحفّ هذا الطريق من متاعب وعوائق، العبرة بأن نتحمل هذه الرحلة بتعبها وراحتها وكلٌ ما فيها، فتحقيق الهدف في حد ذاته أمر لا يستغرق الكثير من الوقت إن كان الحصول على شهادة جامعية فهو لن يتعدى ذهابك واستلامك لها إنما رحلتك لنيل تلك الشهادة استغرقت أربع سنوات وقس ذلك على جميع أنواع وأشكال الأهداف، لحظة تحققها لن تتجاوز دقائق، ساعات أو أيام إنما كم قضيتَ من الوقتِ لتصل إلى هذه اللحظة كم كابدتَ ظروف الحياة بقسوتها وحلاوتها لتتذوق طعم النجاح وبنشوته.

من أجل تلك اللحظة عليك أن تعيش الحياة وتستمتع بكل لحظاتها بشقائها و سعادتها بيسرها وعسرها بنورها وظلامها بلينها وقسوتها... عليك أن تحياها بما تعنيه الكلمة من معنى وتصبر وتجاهد وتتحمل لتصل إلى ما طمحت إليه، فإذا كان هدفك النجاح بتفوق في الجامعة والحصول على الشهادة لا تنتظر فقط اللحظة التي سيعلن فيها اسمك أمام الطلبة وتمنح تلك الشهادة بامتيازٍ وتفوق، فهذه اللحظة لن تتحقق إلا إذا قدّرت نفسك ومنحتها قيمتها، إلا إذا نظرت كلّ يوم إلى المرآة ورأيت نفسك إنسان ناجح وطالب مجتهد يستحق التقدير فبالتالي نظرتك لنفسك ستنعكس على أفعالك وتصرفاتك وكنتيجة لذلك ستجتهد وتصبر وتنال مرادك في مآل الأمر.
فلا جدوى من التشاؤمِ والترقّبِ والتحسبِ لكلّ أمر، جميعنا يمتلك حياة واحدة، تستحق منا أن نعيشها بأملٍ وحب ونحن مستبشرون بالمستقبل بقلبٍ مبتهج وصدرٍ منشرح، فالحياة مجبولة على الالآم والتحديات نعم ولكن بالطبع إذا ما أردنا أن نرى نصف الكأس الملآن، فهناك الكثير من النعم التي تزخر بها حياتنا، الحياة جميلة إذا انت أردت ذلك.. فدعونا جميعاً نستمتع برحلاتنا إلى أن نصل لوجهتنا... 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

I'm talented Translator and Writer.