نظام التعليم ومسيرة القطيع

يبدو أن سير العملية التعليمية بهذا الشكل ليست إلا إعدادا تقليديا لأفراد القطيع إذ أنه يصنع الأشخاص بحيث يكونون مهيئين لنفس النوعية من الوظائف (التي صابها اكتفاء ذاتي وسادت فيها البطالة منذ أمد فيتجه معظم حاملي الشهادات بها لسلك وظيفي ليس له علاقة بشهاداتهم أساسا) عموما إن نظام التعليم القائم بهذا يعمل على جعل الناس طبعة واحدة على نفس النسق ونفس الشكل ونفس التفكير.


ليس من الغريب أن نذكر أن استخدام نفس طريقة التعليم ونفس المناهج الدراسية لا تناسب جميع الأطفال على حد سواء إذ في داخل كل منهم توجه خاص وقدرات ومواهب خاصة، فهمنم من يحب الرسم ومنهم من يحب الغناء ومنهم من يحب الرياضة وبناء الجسد وعلى الجهة الأخرى هناك من يحب القراءة ويستمتع بسماع التاريخ والأحداث وهناك من يتجه لسلك الكتابة فقد حباه الله بقدرة لغوية فذة وعليه التطوير وهناك أيضا من يمتلك العبقرية فيعلو مستواه العقلي فتراه غير منسجم ولا متوجه للبيئة التعليمية التي أجبر على المسيرة في خضمها إذ من غير ذلك المسار سيحكم عليه الجمع "بالفاشل" فيصاب بالضمور العقلي ضريبة استمراره في ذلك الطريق.

ما يفعله التعليم بالضبط على مدار العملية التعليمية التي تقاس عادة بإثني عشرة سنة إلى أربعة عشرة سنة، هو أنه يحجم مواهب الأطفال لدرجة أن يمحيها ويتلف المميزات الفردية التي في داخل الأطفال والتي كان من شأنها أن تسد ثغرات المجتمع بكافة الميادين بمن يمتلك الكفاءة المهنية والحب والالتزام ولكن هذا أصبح ضرب من المستحيل إذ إن معيار النجاح واحد ومسار الفلاح مقرر للطفل من قبل أن يولد فإن لم يسلكه فهو فاشل، والمثير للعجب فعلا هو كمية الناس الخاضعة لنمط التعليم هذا والذي من شأنه أن يقيد مهاراتهم وقدراتهم ومواهبهم الذاتية والأعجب هنا أنهم ورغم تجربتهم لذلك السلك وتكون رأيهم السلبي به فهم يعودون ليورثونه لأبناءهم فهم يخافون أن ينسحبوا من القطيع رغم قناعاتهم الثابتة بعدم النفعية الجمة التي ترتبط به.

هناك توجهات عالمية جديدة لرفض فكرة التعيين بالشهادات كما وأنه يتم التعيين على حسب اختبارات تشخيصية خاصة بطبيعة الوظيفة التي يتقدم لها الشخص وكمية معرفته وعلمه بهذا العمل فقط، إن وجود مثل هذا التوجه وانتشاره يقودنا للتفكير بإنشاء نظام تعليمي قائم بالأساس على يحبه الشخص ويبدع به، حيث يتم اختبار قدرات الطفل ومهاراته منذ بداية وعيه ثم يتم توجيه الأهل للاتجاه المناسب الذي يصح للطفل أن يسلكه، فيختار الأب والأم نوع المعلومات التي سيتلقاها الطفل ويتعرض لها ولكن وعلى العموم يجدر الحديث عن أن نظرة الناس والوضع الاجتماعي هو أكثر ما يقف في وجه انتشار هذه الفكرة وسهولة تطبيقها لأنه وكما ذكر سابقا أن الخروج من معمعة القطيع له كلفة ولكنه بالنهاية يوصلك إلى ذاتك.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author

لا الدنيا أقبلت إليّ ولا الزمانُ أدبر