تتحقق مقولة " لقد أصبح العالم قرية صغيرة " مع التقدم الكبير الذي يشهده العالم في مجال التكنولوجيا فخلال بضع سنين فقط انتقل العالم من عصر الورقة والقلم إلى عصر الروبوتات والحواسيب المصغرة .
فاستطاع العالم من خلال ذكاء البشرية وطوحها الكبير أن يعيش ثورات علمية ومعرفية كبيرة ساهمت في العديد من الاختراعات التي من خلالها أصبح العالم أكثر سهولة وقابلية للعيش ... أو هذا ما ظنناه .
هل التكنولوجيا تجعل الأشخاص يشعرون بالوحدة على الرغم من التطور الملحوظ في وسائل التواصل والاتصال وإمكانية الوصول لأي مكان واي شخص في العالم متحديين المسافات الشاسعة والحدود بين البلدان ؟
من المعلوم أن الوحدة تؤثر بشكل سلبي على الشخص فهي تؤدي إلى نقص الثقة بالنفس وإلى مشكلات نفسية كثيرة أهمها الإكتئاب والقلق
ووفقا للدراسات فإن معدلات الشعور بالوحدة بين الشباب في تزايد مستمر ومن جهة أخرى تشير البيانات إلى أن الشبكات الإجتماعية بين الناس تتقلص وتصبح أصغر حجما وجحوفا والبيئة الإجتماعية الودودة والآمنة التي اعتادت العائلة توفيرها لم تعد كسابق عهدها وتميل للتلاشي .
ومن بين الأسباب العديدة التي تشمل أسبابّّا اجتماعية ونفسية والتي قد تؤدي إلى الوحدة تعد التكنولوجيا والتطور الكبير الذي يجتاح العالم سببّّا رئيسيّّا من أسباب ارتفاع معدلات الوحدة بين الأشخاص وذلك من خلال :
* يلجأ معظم الأشخاص إلى العزلة والوحدة في محاولة منهم للهروب من الالتزامات الاجتماعية التي قد تفرض عليهم المصارحة بعيوب ذاتية نفسية وجسدية يعمدون إلى اخفائها أو انكارها فيلجأون لاثبات وجودهم من خلال مواقع التواصل الإجتماعي والبقاء خلف شاشة الهاتف أو الجهاز .
* ميل الأشخاص وخاصة المراهقين والشباب إلى تكوين الصداقات والعلاقات من خلال مواقع التواصل الإجتماعي بعيدا عن التواصل الوجاهي والواقعي مما قد يؤدي في نتائجه إلى تكوين صداقات سطحية مزيفة وغير حقيقية وتفتقر للثقة .
* الاختلافات الفكرية والثقافية التي قد تؤدي بالأشخاص إلى تفضيل العزلة خوفا من عدم التقبل من قبل الاغلبية العظمى والتي قد لا تتوافق مع وجهات نظرهم وميولهم الفكرية واختياراتهم .
* قلة الثقة بالنفس التي قد يعاني منها معظم مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي والتي تنشأ من خلال مشاركتهم لمجموعة من المعلومات والصور الشخصية التي قد تكون لازمة في بعض الأحيان مع أطراف آخرين مما يؤدي بهم إلى الخوف من التعرض للنقد والتنمر فيلجأون للهروب والابتعاد .
وأختم بقول ابن خلدون في مقدمته " ... إن الإنسان اجتماعي بطبعه ... وهذا يعني أن الإنسان فطر على العيش مع الجماعة والتعامل مع الآخرين فهو لا يقدر على العيش وحيدا بمعزل عنهم ... مهما توفرت له سبل الراحة والرفاهية ..."
ندى قنديل
You must be logged in to post a comment.