أصبح الاعتماد على الروبوتات متزايداً بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وتشير دراسات وتقارير عديدة أن حوالي نصف الوظائف الموجودة حالياً سيتم أتمتتها في العقد المقبل من الزمن؟ فكيف الطريق إلى النجاة وضمان البقاء في الوظيفة؟ نستعرض في هذا المقال المهارات التي تضمن لك البقاء في وظيفتك، وغير ذلك فإن هذه المهارات ستصح مطلوبة بشدة في المستقبل.
ما هي الوظائف القابلة للاستبدال؟
الوظائف الروتينية والتي تعتمد على التكرار هي الأكثر قابلية للاستبدال بالروبوتات، أما الوظائف التي تعتمد على التفاعل والنقاش وتبادل الآراء ليس من المحتمل استبدالها في المنظور القريب على الأقل، لنطرح مثال على ذلك، وظيفة الطبيب، تشخيص الأمراض عن طريق الآلات والذكاء الاصطناعي أكثر فعالية من تشخيص الطبيب، لأنه عمل يعتمد على جمع البيانات وتحليلها ومقارنتها، حيث من السهل بالنسبة للآلات القيام بهذا الأمر، لكن عند تشخيص المرض يعتبر مناقشة الحلول والعلاجات المقترحة مع أهل المريض من أول خطوات العلاج وهذا بالضبط ما لا يمكن للروبوتات أن تقوم به بفعالية أكثر من الأطباء أنفسهم، لذا وبالاعتماد على هذا المثال يمكن القول بأن نوعين من الوظائف لا يمكن استبدالهم في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل القريب، وهما:
- الوظائف التي تعتمد على العاطفة: تلعب العاطفة دوراً كبيراً في حياة الإنسان من خلالها يمكن ترتيب الأولويات، ومعرفة ما يجب القيام به، وتعتبر من أهم أنواع التواصل غير اللفظي بين البشر، كما تدخل في عملية صناعة القرار المناسب للمواقف التي يواجها الإنسان، ثبت أن تعليم المشاعر للروبوتات والآلات أمر معقد حالياً ومن الصعب دمجها في نظام آلي، وعلى الرغم من التقدم الحاصل في هذا المجال إلا أنه من غير المحتمل أن تكون الروبوتات قادرة على الحلول بمكان البشر في هذه القضايا.
- الوظائف التي تعتمد على السياق: والمقصود بذلك الوظائف التي تتطلب تفاعل مع الأحداث وتغيير الأفعال بناءً على الموقف الحاصل، الروبوتات والآلات تكون مبرمجة مسبقاً للتصرف بطريقة ما وإذا واجهها موقف غير موجود في الكود الخاص ببرمجتها فإنها لن تتفاعل معه، لأن أي تغيير في السياق يتطلب تغيير في طريقة التعامل معه وصنع قرارات جديدة ملائمة، كمثال مبسط على ذلك وظيفة النادل بسيطة ويمكن للروبوتات القيام بها إذا تتطلب خلط المشروبات مع بعضها وتقديمها للزبون، ولكن التفاعل مع الزبون ومعرفة طلباته وذوقه الخاص أمر صعب القيام به بالنسبة للروبوتات في الوقت الحالي.
المهارات التي تحمينا من سطوة الروبوتات
لا بد وأنك سمعت بالمهارات الناعمة (soft skills) هذه المهارات تعتبر من أكثر المهارات المطلوبة في سوق العمل اليوم، التي وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة لتعليمها للروبوتات إلا أنه من غير الواضح متى يمكن أن تضاهي البشر فيها، أو هل من الممكن بالأصل أن تصل الروبوتات لقدرة البشر على استخدام هي المهارات، والتي يمكن تعدادها كما يلي:
· إدارة المشاعر والاستفادة منها.
· التفاعل مع السياق.
· التفكير النقدي والتفكير الإبداعي.
· حل المشاكل بطرق إبداعية.
· التعلم التكيفي.
· القدرة على التواصل مع الآخرين.
· القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها.
تشير نصائح الخبراء أنه يجب التركيز في الأنظمة التعليمية على كيفية تعليم المهارات التي لا يمكن للروبوتات والآلات المؤتمتة القيام بها للطلاب، إلى جانب تعليمهم كيفية التفاعل مع الآلة من خلال كتابة الأكواد والبرامج المختلفة، لأن هذه المهارات تضمن تميز الإنسان عن الروبوتات وبقائهم في موضع المتحكم، فعلى الرغم من تسميتها بالمهارات الناعمة لكن هذا الاسم لا يعكس تماماً جوهر هذه المهارات التي تعد صعبة التعلم والتطبيق من قبل العديد من البشر.
ما هي المهارات التي لن تُؤتمت؟
بعد أن أشرنا إلى المهارات الناعمة التي يصعب على الروبوتات القيام بها، فيما يلي ست مهارات يمتلكها البشر يتفوقون بها عن الروبوتات:
· التعاطف: لن تتمكن الآلة من فهم المشاعر الإنسانية والتعامل معها كما يفعل البشر، مثل المدير الناجح قادر على دعم موظفيه بالأوقات الصعبة وتحفيزهم للعمل، أو البائع المتميز قادر على فهم رغبات الإنسان واحتياجاته وتلبيتها.
· صناعة المحتوى: المحتوى يغذي العالم الرقمي، في حين أن الآلات قادرة على إنشاء محتوى بسيط من تلقاء نفسها، لكنها غير قادرة على الأمور الأكثر تعقيداً، مثل سرد وشرح العلامة التجارية لشركة ما، أو إنشاء تقارير عمل ذات نتائج ورؤى واضحة، لذلك سيوجد دائماً منصب وظيفي للشخص الذي يملك مهارة صناعة المحتوى.
· إدارة التقنية: الروبوتات غير قادرة على إدارة روبوتات أخرى، ولا ينبغي أن تكون قادرة على القيام بذلك، حيث يعتبر هذا الأمر من أكبر مخاوف تطور الذكاء الاصطناعي، يجب أن تتم عملية تصميم الأنظمة الرقمية وتخطيطها وتركبيها وصيانتها من قبل البشر، وذلك لضمان الهدف والغرض من استخدامها بدلاً من الخوف من فقدان السيطرة على الروبوتات، تعد هذه المهارة من أكثر المهارات طلباً في سوق العمل خلال السنوات القادمة.
· التواصل: التواصل بين البشر يعتمد على سيناريوهات مختلفة، لذلك فإن التواصل الفعال بين البشر يعتبر فن ومن الصعب دمجه بالروبوتات بنفس الكفاءة، حيث يعتمد على فهم الموقف، والقيم والأهداف الخاصة بالشخص ودوافعه للقيام بأمر ما، والتعامل معها بفعالية وكفاءة، التقنية اليوم قادرة على تمييز تعابير الوجه للشخص لكنها لن تتفاعل معه بنفس قدرة الإنسان.
· التفكير الاستراتيجي: هذه أيضاً مهارة يتفوق بها البشر عن الروبوتات، فهي القدرة على دراسة الحالة وربط الأمور ببعضها والتحليل، ثم إعطاء المهام لكل شخص حتى يتم تحقيق الهدف النهائي المرجو.
· الإبداع: العلماء إلى اليوم لم يتمكنوا من تحديد السبب في أن بعض الأشخاص مبدعين أكثر من غيرهم، لذلك فإنه من الممكن القول بأنه من شبه المستحيل أن تمتلك الروبوتات شرارة الإبداع الموجودة عند البشر والتي تمكنوا من خلالها من تحقيق إنجازات عظيمة في الحضارة الإنسانية، حتى مع تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة فإن الإبداع هو شيء عفوي ويعتمد على الحلم والخيال والإلهام ودوافع أخرى عديدة تفتقدها الروبوتات.
نصائح لضمان مستقبلك المهني
في حين أن المهارات الناعمة وطرق التواصل لن يتم أتمتتها في المستقبل المنظور، لكن هذا لا يعني أن التطور التقني لن يؤثر على حياتك المهنية بشكل ما، لذا يفيد اتباع هذه النصائح في إعدادك لسوق العمل بشكل فعال:
- سلط الضوء على المهارات الناعمة في سيرتك الذاتية: قم بتخصيص قسم كامل لهذه المهارات ضمن السيرة الذاتية مع إعطاء حقائق ونتائج ملموسة تؤكد امتلاكك هذه المهارات.
- ركز على فهم واستخدام التقنية: لا مهرب من التطور التقني ولا يمكن عزل نفسك عنه في سوق العمل، لذلك من المهم تعلم التقيات التي تفيدك في مجالك المهني واستخدامها بالشكل الأمثل لتعزيز الاداء الوظيفي.
- حافظ دائما على عملية التعلم: ضع خط لمسارك المهني الذي تريده، واتبع خط تعلم المهارات اللازمة من ضمنها مهارة التأقلم والقابلية للتطور والتغيير حسب متطلبات سوق العمل.
You must be logged in to post a comment.