وداعاً للعنف الأسري

إنّ الحياة مليئة بألوان قوس قزح لا انتهاءَ لها، لحظات عمر الإنسان متفاوتة، ما بين خير قد يصيبه أو شر قد يمسّه، لكن لا شيء أثمن على الإنسان من روحه وكرامته. 

يشهد العالم في الآونة الأخيرة الكثير من المظاهر التي تعنّف المرأة -لستُ هنا في صدد التحيّز لمشاكل المرأة ولكنّها حقيقة- إذ لا شيء تضجّ به الصحف والجرائد العربية -بشكل خاص- أكثر من جرائم التعدّي على النساء وقتلهنّ دون أدنى سببٍ يُذكر هذا ما يُسمى بـ(جرائم الشرف). أمي، أختي، صديقتي، سيّدتي، إنّ العنفَ لا يتولّد فجأة ولا يتم مرّة واحدة ولا تُغتصبُ روح إنسانة في لحظة واحدة، إنّ العنف سرداب، سرداب يمتدّ إلى أسفل الأرض إن أنتِ سامحتِ المعنِّف أو بالأصح الإنسان الذي من الممكن أن يكون مجرماً يوماً من الأيام سترمين نفسكِ إلى ظلمة الحياة وإلى قعر جهنم الدنيا! 

أتعلمين سيدتي أنّ العنفَ يتواجد في كل أزقّة الدنيا، في كل زاوية من زوايا الحياة لا بدّ أنْ يُظلم إنسان، كيف لا وقد قال الله في كتابه: (إنّه كان ظلوماً جهولاً)، حتى نقف على بعض صور العنف والتي من الممكن أن تعتقدي أنها روتينٌ يومي وليست عنفاً، فدعينا نسمّيها بذور العنف: 

1. تقليل الاحترام من الطرف المقابل: سواء كان زوجاً أو أخاً أو مديرك في العمل، إنّ تقليل الاحترام آفّة مجتمعاتنا إذ لا يرى العالم لها أي اعتبار ولكنّها النافذة الأولى لتسليط العنف على حياتك، إنْ هانت نفسك عليكِ وسمحتِ بأنْ يقلّل من شأنك واحترامك فأنتِ قد زرعتِ البذرة الأولى للعنف في حياتك. 

2. استخدام الألفاظ البذيئة والصراخ أثناءَ الحوار: هل برأيك كلمة حوار هذه الكلمة الرقيقة من الصواب أن تجتمع مع كلمة صراخ الكلمة الهمجية؟! لا شيءَ نفعله في الحياة أكثر من التحدّث مع الآخرين، إن كان الآخر قد سمحَ لنفسه بالدنوّ والانحدار لمستوى البهائم في الحوار واستخدام سلاحه الفاشل وهو الصراخ فعليكِ أن تفرضي هدوءكِ واعتزازك وألّا تسمحي له بشتمِكِ مهما كانت الكلمة!! الشتيمة تبقى شتيمة !! 

3. المنع والإجبار: ألا تعتبرين أنّ منعكِ من زيارةِ أهلك لسببٍ محِق عنفاً؟ وأنّ منعكِ من الخروج أبداً هو شكل من أشكال العنف، وكذلك منع الحريات وعدم الاستقلالية وأن إجباركِ على أمورِ لستِ مقتنعة بها وأمور تزعجُكِ هو أيضاً إشارة تعطي الضوء الأخضر للاستمرار بالعنف. 

4. الضرب: لقد عزّت عليّ نفسي أنْ أكتبَ هذا العامل، ولكنّي أعتقد أنّه بذرة قبل أن ينمو ويكبر ويصبح ثمرة متعفّنة موجودة في كثيرٍ من البيوت. عزيزتي لا رجلَ يسمح لنفسه بضرب امرأة -تأمّلي كلمة (رجُل)-. اعلمي أن الضربَ لا ينتهِ ولا يُنسى بكلمة ( سامحيني) (كانت لحظة غضب) ( هذا من غيرتي عليكِ) (ولكنّني أحبّك) (أعدُكِ أنها آخر مرة) لا تسامحي -على الأقل ليس سريعاً- لا تقلّلي من شأنِ الأمر والفعل، عليكِ أنْ تهوّلي الأمور، نعم .. لأن الضرب عملية مستمرة ستتكرر، من سمحت له نفسه بالضرب مرة إن لم يتأدب أو لم يُلزم عند حدّه سيكرّر الفعل لو بعد حين، عليكِ بسؤاله واستجوابه وعدم الرضوخ لفعله وأنّه كيف هانت عليه الأيام واللحظات لارتكاب هذا الفعل الذي يساويه تماماً -ومع التحفظ بعدم احترامي- بالبهائم. 

سيّدتي بعد هذا الحديث دعينا نتوقف قليلاً ونسأل أنفسنا هل حقل حياتنا خالٍ من هذه البذور أمْ أنّ حشائش العنف بدأت بالنمو!

إنْ كانت قد بدأت فحقاً هي مصيبة، ولكنّها أخفُّ ضرراً من أولئك الذين باتت حياتهم غابة سوداء اسمها العنف. 

انتظرينا في حديثٍ آخرَ لنضع النقاط على الحروف ولنتخذ الخطوة الأولى لمحاربة هذا (البعبع) البشع ولقتله للأبد، إنْ نحنُ ضاعت منّا الأيام والفرص، دعينا لا نحرم أولادنا منها ولنعمل على تأسيس حياةٍ كريمة لهم تخلو من العنف اللفظي والنفسي والجسدي. 

هيا ردّدي بصوتٍ عالٍ: وداعاً أيها العنف الأسري. 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
مارس ١٠, ٢٠٢٢, ٩:١٨ ص - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١١:٠٩ م - Dr. Shahad
About Author