أرض التوازن

 

1605662988312396-0.png
تِلْكَ الْبُقْعَةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي نلملم بِهَا شَتَاتٌ أَنْفُسِنَا ونستجمع فِيهَا قوانا تِلْكَ النُّقْطَةِ الَّتِي نتأملها بِتَرْتِيل آيَاتِ اللَّهِ ونعلو خُضُوعا وننخفض خُشُوعًا ، ذَلِكَ الرُّكْنِ الَّذِي يَعْرِفُنَا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ إنْسَانٍ يَسْمَع همسنا ومناجاتنا لخالقنا 
تِلْك الرَّفِيقَة السَّجَّادَةُ الَّتِي نفرش أَرْوَاحَنَا عَلَيْهَا لتغربل مِنْهَا الْأَوْجَاع وَتَسْكُن الْآلَام وتطفئ غَيْض الْقُلُوب وتمنح لِلْعَقْل الرَّاحَة ، ذَلِكَ الرُّكْنِ تُشْعِر وَأَنْتَ وَاقِفٌ فِيهِ وَكَأنَ النُّورُ يغزوك مِنْ رَأْسِكَ حَتَّى أخمس قَدَمَيْك لتتحول لكتلة من وهج نور، تُشْبِه تَمَامًا الضَّوْءِ الَّذِي يُسَلَّطَ عَلَى بَطَلُ الرِّوايَةِ الَّذِي يَقِفُ عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح ، لكِنَّنَا هُنَا نَقِفْ عَلَى أَرْضٍ السَّلَامِ وَلَا نُودِى دُور تَمْثِيلِي بَلْ حَقِيقَةً رَوْحٌ تَنَاجِي نُورَهَا الَّذِي انْبَعَثت مِنْه تتصل بمصدر القوة المطلقة خالق كل ما حوت السماء والأرض وكل ما نعلم ومالا نعلم 
في حديثي اليوم لن اتطرق عن ذكر الصلاة وما تهب للإنسان من سعاده وتنظيم للحياة والمشاعر ولا لكونها ركن اساسي من أركان الأنسان وليس فقط الإسلام 
فالصلاة لها أشكالها المختلفة فكل ما يوصل العبد بربه هو صلاة روح في أي مكان ودون أي طقوس. 
سأتناول الجانب الوجداني لعلاقتي بقطعة الأرض التي أقف عليها وتنصت لي وتحتضني بلا سواعد. 
 قَرَأْت حَدِيثًا وَشَرْح لِآيَة مِنْ آيَاتِ الْقُرءان 
(يومئذ تَحْدُث أخبارها) تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي نَطَأ عَلَيْهَا ستنطق لتخبر اللَّهِ عَنْ أَفْعَالِنَا عَلَيْهَا 
وأيضا ذكر في الأحاديث 
مَا مِنْ عَبْدِ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً فِي بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إلَّا شَهِدَتْ لَهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَبَكَت عَلَيْهِ يَوْمَ يموت) .
تِلْكَ الْأَرْضِ تُسْمَع وَتُفْهَم وَتُدْرَك وَلَهَا ذَاكِرَة وتحس فِعْلًا كُلُّ مَا هُوَ حَوْلَنَا لَه لُغَتِه وَإِدْرَاكُه وإحساسة وَصُوَر تفاعله وإنفعالاته لِذَلِك تَنْشَأ عِلاقَة قَوِيَّةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَمَاكِن صَلَاتَنَا وسجادتنا وغرفنا وَكُلُّ مَا نستخدمة ونستهلك 
تِلْك الْمُكَوِّنَات الَّتِي نَسْكُن فِيهَا وَالَّتِي لَا يَعْتَرِف الْكَثِير مِنَّا بِمَدَى شُعُورُهَا بِنَا هِي تَشْتَاق وَتَبْكِي بَعْد رحيلنا الأبدى عَنْهَا فَنَحْنُ لَا نلتقيها هُنَاك تِلْك الْمُكَوِّنَات تَهُبّ الْأَمَان وَالْحَبّ وَالسَّلَام لَهَا وَجْهٌ وَاحِدٍ هُوَ ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي تَمْنَحُه إيَّاهُ فَإِنَّ وهبتهم قَدْرًا فِي وِجْدَانِك وهبوك رَاحَةٌ فِي تواجدهم حَوْلِك 
عَكْس الْبَشَرِ الَّذِي لَا قَانُون يُمْكِنُ أَنْ تعاملهم بِه 
تتعامل مَعَهُم بِالطِّيب وَالْمَحَبَّة يجازونهم بالنكران وَالْجُحُود وَالِاسْتِغْلَال وَالْخِذْلَان ، لَا أُرِيدُ أَنْ اعْمُم وَلَكِن الْأَغْلَبِيَّة يَتَصَرَّفُون هَكَذَا إلَّا مِنْ هَدَى اللَّهُ 
بَل أَحْيَانًا تَقْسُو عَلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَكِنْ لَا تَحْقِد عَلَيْك وَلَا تُضْمَر السُّوءُ وَلَا تتحين فُرَص الِانْتِقَام بَل تصمت مخذولة مِنْك وَلَكِنْ لَا تتركك لَيْس لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّك 
فَمَن وَجْهَه نَظَرِيٌّ تَوَاجَد الْجِسْم المادي لَا يَعْنِي عَدَمَ المغادره وَالْعَكْس صَحِيحٌ 
ولكني دائما أتسائل لماذا يعجز البشر عن بلوغ ذلك النوع من الروابط الوجدانية مع بعضهم البعض 
بمعنى لماذا لا يمكن أو مستحيل أن يحمل شخص لأخر حبا كمحبته للسماء أو البحر أو القمر أو الليل أو الشجر أو الأرض أو ألته الموسيقية أو حيوانه الأليف أو مكتبته، سيارته أو حتى كرسية المفضل الذي يجلس عليه 
لماذا نفتقد بعالم البشر مثل ذلك النوع من الحب!! 
ويا ترى لماذا؟؟ وماهو الاسم الذي يطلق على هذا النوع من الوجدانيات.؟؟؟ 
أَعُود للنقطة الَّتِي بَدَأَت مِنْهَا تِلْكَ الْبُقْعَةِ الصَّغِيرَةَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي نَحْمِل لَهَا مَكَانَه وِجْدَانِيَّة كَبِيرَةً حَتَّى فِي لَحَظَاتٍ البُعْدُ عَنْهَا وَعَدَمِ الِالْتِقَاء بِهَا 
سَتَجِد نَفْسِك حِينَ تَسْقُطُ عَيْنَك عَلَى ذَلِكَ الرُّكْنِ ينشَرِح صَدْرك وَإِنْ كُنْت متعبا أَوْ تُحْمَلُ وَجَعًا تنْسَكِب دُمُوعِك وَكَأَنَّك تَنْظُر لعينين أُمَّكَ الَّتِي تُقْرِئُك مِنْ نَظَرِهِ 
  • الروابط الوجدانية لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْبَشَرِ لِذَلِك حِين يَتْعَب الْكَثِير مِنَّا مَنْ علاقاته الْإِنْسَانِيَّة الْقَرِيبَة جِدًّا يَكْتَفِي بِتِلْك العَلاَقَات الوجدانية الَّتي تَنْتَمِي لِعَالِم مُخْتَلَفٌ لَا يُوجَدُ فِي محتواه مَفَاهِيم الْغَدْر الْخِيَانَة، الْكَذِب، النِّفَاق، الْبُخْل، الْكَرَاهِيَة، الْخِذْلَان الْمَصْلَحَة، الِاسْتِغْلَال، إلَى آخِرِهِ مِنْ منقصات الْمَشَاعِر

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author