مفقود

يدخل الغرفة ويغلق الباب خلفه.. يقف وقدماه غير متوازنان.. عيناه ترتجفان وتهربان في جميع الاتجاهات مرتعبة، كرضيع استيقظ ووجد نفسه وحيدا، تحت جفنيه ظلال مسودة قاتمة تحكي صراعات مخيفة، وقزحيته متّسعة تكاد تكون متورمة... كأنه يبحث عن صورة مألوفة ولا يمكنه البوح بها،  استقرّ لون الليمون على وجنتيه لتصبحا شاحبتين ويعضّ بعظامه اللبنية على شفتيه لتنزف دماً أحمر بلون الكرز لكن مع ذلك الجفاف المتجمع على حواف شفاهه فالمنظر يبدو كمشهد من أحد أفلام الزومبي، أمسى شكله مريعا وحتى باقي أطراف جسده.،مثل جندي أنهى لتوّه حرباً.

يداه ترتعشان وحتى أظافره قد تآكلت من شدة أفكاره اللامتناهية... يُبرم أصابعه ببعضهم ثم يفكهم ويستمر على حاله دون وعي... بطنه تُصدر أصواتا مضجرة يتجاهلها ويٰردف بصوت شبه مسموع "اشتقت لك"!

فجأة تسقط بلورة من عينيه ..تسلك طريقا لتبلل خده وتنزل لتلامس طرف شفته... ثم تلحقها باقي البلورات ،ليشد بأطراف أنامله على قماش سرواله ويضغط وهو يكتم أنين خافت... إذن مرضه هو الاشتياق!.. هل الإنسان يكون هكذا إذا أصابه الحنين؟! 

الشوق هو اللهفة لرؤية شيء ما، شيء تألفه روحك وعدساتك، هو صوت تسمعه فتهدأ ضربات قلبك، وهو مظهر بعد رؤيته تسترجع ملامحك ويبتسم ثغرك.

كل المُسكنات تقف مذهولة أمام عاطفة الشوق فعندما يثور قلب البشري عند الاشتياق لا يمكنك أن تتوقع أفعاله، يوجد ذلك البُعد كبعد السماء والأرض، هذا يعتبر أمراً مقدرا ولا اعتراض على رغبات الكون... لكن الأصعب هو ذلك البعد بمسافة المدينة والأُخرى، إنه الأخطر... لن تعرف أبداً كيف ستتأقلم وشخصك المفضل موجود بمكان آخر ...لكنه رحل عنك... غادر وتركك، ستوهم نفسك بموته وتقنعها بجنازته، لتتحمل غيابه وفقدانه... وعلى إثر ذلك ستتحمل أيضاً نوبات هلعك على الرابعة فجراً.. وذبول أزهار حديقتك بعد إهمالها.... وذبول كل أحاسيسك معها... ستبقى متلهفا... إلى حين أن تواسيك الغيوم وتُمطر بشكل مبهج...

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author