مقدمة
التعبيرية EXPRESSIONISM مصطلح فني يطلق على حركة فنية نشأت في ألمانيا، استمدت مقوماتها من البيئة الألمانية، بجوِّها السياسي العاصف وأساطيرها المثيرة، يتميز فنانو هذه الحركة باستنطاق مشاعرهم الذاتية، معبرين عن خلجات النفس والانفعالات الباطنية، من دون محاكاتهم للواقع المرئي، ولذلك تنزع تكويناتهم الفنية نحو التهويل والمبالغة، ويعتبر فنانو هذه الحركة أن النقل المباشر من الطبيعة يجعل العين تابعة لما ترى، لذلك أطلقوا على مصوري الآلة الفوتوغرافية بأنهم (عميان)، لأن عيونهم لا تعمل كأعضاء بشرية، بل كتوابع لما يحملونه من آلات، على حد قولهم.
الرؤية التعبيرية
كما يرى الفنانون التعبيريون أن عالم الفن ليس بالضرورة أن يكون مرئياً، إنما هو بحاجة إلى قوة حدس خاصة، تمكنه من كشف الحجاب عن العالم المرئي، وهو عالم النفس الداخلي، الذي يؤدي إلى اكتشاف حقيقة العالم الخارجي، ويزداد ظهور التعبيرية في أوقات الأزمات والقلق الروحي، لذا فإن العمل الفني في هذا المذهب، هو عبارة عن إفراغ لما في نفسية الفنان من شحنة عاطفية متولدة عن الأزمات، التي يعبر عنها في خياله، لقد كان أول من دعا إلى هذا الاتجاه هو إدوارد مونخ وأوسكار كوكوشكا، وكان أسلوبهما المثير هو الدعامة الأساسية التي قام عليها الفن التعبيري.
بزوغ التعبيرية
رأت الحركة التعبيرية النور في عام 1885، وكان الفنان فان جوخ بلوحاته الرائعة المفعمة بالمشاعر والألوان الصارخة مؤسساً للتعبيرية الحديثة، وقد ارتبط مصطلح التعبيرية بعد ذلك ببعض الفنانين، الذين قاموا باستغلال كل إمكانات هذا الاتجاه خير استخدام، وعلى رأسهم فاسيلي كاندينسكي، وكانت التعبيرية في بدايتها أحد ردود الفعل تجاه لا موضوعية الفن التأثيري البصري، وما ينطوي عليه من إبهام وتغليف للمناظر الطبيعية والانعكاسات اللونية.
فنانو التعبيرية
ومن أهم الفنانين التعبيريين:
- جيمس أنسوار 1860-1949: فنان بلجيكي، درس الفن في بروكسل، يعتبر من الفنانين النابغين في بلجيكا، يوصف بأنه صاحب الميول الخيالية الغريبة، وقد استعمل في لوحاته الأقنعة والهياكل العظمية بكثرة، ويعتبر أنسوار من مؤسسي المدرسة البلجيكية المعاصرة، من أشهر أعماله: (المؤامرة)، و(دخول المسيح إلى بروكسل).
- إدوارد مونخ 1863-1944: فنان نرويجي، ولد في مدينة لوتن بالنرويج، وهو من مؤسسي التعبيرية الألمانية، تميزت ألوانه بخطوط كثيفة، وصفت بأنها تزحف كالأمواج، من أشهر أعماله: (صرخة) ، و(رقصة الحياة).
التعبيرية الألمانية
ومن التعبيرية الألمانية نشأت مدارس فنية منها:
أولاً: جماعة الجسر (القنطرة) 1905-1913: تأسست هذه الجماعة في درسدن عام 1905، وقد تأثرت بالرسوم الألمانية القديمة المطبوعة بالقوالب الخشبية، وبفناني ما بعد التأثيرية في فرنسا، أقامت عدة معارض في درسدن عام 1910، ثم في برلين عام 1911، لكن هذه الجماعة تفرقت عام 1919، وكانت قد أسهمت في نشر آراء فنية جديدة في ألمانيا.
فنانو الجسر
- لودفينج كيرشنر 1880-1938: فنان ألماني، يعتبر المؤسس الحقيقي لهذه الجماعة، تأثر بالفن الزنجي وألوانه الصارخة البدائية، وبالنقوش الجرمانية القديمة، وبأسلوب جوجان وجوخ، وتميزت أعماله بالألوان القوية، والأشكال غير المنتظمة، ويتضح ذلك من خلال لوحة (المصور مع موديل)، وقد استعمل ألوان ماتيس، خاصة البرتقالي الأصفر والأزرق.
- إميل نولده 1867-1956: فنان ألماني، استخدم الألوان القوية التي تعبر عن عواطفه الداخلية، كان معجباً بأعمال الفنانين سيزان وفان كوخ وأنسوار ومونخ وجوجان، اعتبره الكثيرون نقلة جديدة بالفن، حيث رسم الموضوعات الدينية، وكان هذا اتجاهاً مخالفاً لباقي الفنانين، من أشهر أعماله: (توماس المرتاب).
ثانياً: جماعة الفارس الأزرق 1910-1916: وهي جماعة تعبيرية ألمانية، وقد سميت بالفارس الأزرق نسبة إلى لوحة تجريدية رسمها كاندينسكي، احتوت معارضهم على أعمال فنانين أجانب، وكان هدفهم تعريف الألمان بالحركات الفنية الحديثة، إلا أن نشاط هذه الحركة توقف بعد الحرب العالمية الأولى، ومعظم فناني هذه الحركة تجريديين، منهم: فاسيلي كاندينسكي، وفرانز مارك.
فنانو الفارس الأزرق
- فاسيلي كاندينسكي 1866-1944: فنان روسي، يعتبر زعيم التعبيرية التجريدية ABSTRACT EXPRESSIONISM، وكان يهدف إلى الارتفاع بالتصوير إلى مستوى الموسيقى، متجهاً نحو بحث القيم المجردة، واستطاع أن يحطم الحدود بين الموسيقى والتصوير، من أشهر أعماله: (حركة متزنة)، و(دائرة متعددة الدروب).
- فرانز مارك 1880-1916: استخدم الأسلوب التجريدي للتعبير عن أشكاله الحية، ولجأ إلى استعمال الألوان الساطعة بحرية، لكنه لم يصل إلى التجريد الكامل الذي نراه في لوحات كاندنسكي، امتاز مارك برسم الحيوانات كالخيول والغزلان، كانت حيواناته موضوعية ورمزية وليست طبيعية، من أشهر أعماله: (غزلان في الغابة).
مميزات التعبيرية
انفردت التعبيرية بالعديد من المميزات، أهمها:
- تبسيط الأشكال وتحريفها.
- تصوير الأفكار التي تناقض الواقع السائد.
- تصوير الانفعالات الداخلية ومكنونات العواطف والمشاعر.
- استخدام الأسلوب التجريدي وإهمال البعد الثالث.
- استعمال حدة اللون والتأكيد عليه.
- إطلاق حرية التعبير الفني والخيال والاهتمام بالموضوع.
- الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية والدينية.
المراجع
- فنون الغرب في العصور الحديثة، نعمت إسماعيل علام، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، مصر، 1983.
- موجز في تاريخ الفن، آمال الصراف، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوريع، الأردن، 2004.
You must be logged in to post a comment.